طلق زوجته بالثلاث لأجل أن زوجته نحس عليه وهي سبب أمراضه العصبية فهل يقع طلاقه؟
عدد الزوار
90
التاريخ
01/01/2021
السؤال :
أنا شاب متزوج، وقد أصابني مرض شبيه بالجنون، فأنا دائم القلق والتّشنج، وكثير الوساوس، وأعيش بين أسرة تؤمن بالتنجيم والتّطير؛ ولذلك فقد أشاروا عليه أن يطلق زوجته، فهي السبب في كل ما أصابه؛ لأن نجمها نحس كما يقولون، ولا يزول مرضه إلا بفراقها وطمعًا في الشفاء، فقد نطق بطلاقها بالثلاث، وليس عنده أحد ولا حتى زوجته، ولم يخبر أحدًا بذلك، خوفًا من خروجها من بيته، وعدم عودتها إليه، وبقيت مدة عنده إلى أن وضعت مولودًا، فقد سألت عن هذا فقيل لي عليها عدة، بعد أن تخبرها ثم تسترجعها، ومضى إلى الآن أربع سنين، وقد سألت أيضًا آخر فقال ليس عليك طلاق، وليس عليها عدة، ولكن تب إلى الله، فأرجو إفادتي عمّا يترتب على هذا الطلاق، والزوجة لا زالت عندي في البيت، وحالتي الصحية كما هي لم أستفد شيئًا من فعلي ذلك، وما هي نصيحتكم لمن يعتقد الصحة والنفع في مثل تلك الأعمال؟
الإجابة :
إن التنجيم أمر منكر، وهو من شعب السحر، وقد صح عن رسول الله -عليه الصلاة والسلام- ، أنه قال: «من اقتبس علمًا من النجوم فقد اقتبس شعبة من السحر زاد ما زاد» والتّنجيم محرّم عند أهل العلم إجماعًا، وهو اعتقاد أن النجوم لها أثر في الحوادث من صحة ومرض وفقر وغنى أو غير ذلك، بل هذا من أوهام المنجّمين، فإن هذه النجوم خلقها الله زينة للسماء، ورجومًا للشياطين، وعلامات يهتدى بها في البر والبحر، وليس لها أثر فيما يتعلق بالحوادث، لا في الصحة ولا في المرض، ولا في الغنى ولا في الفقر، ولا في نزول المطر ولا في غير ذلك، وإنما هي أوهام باطلة من أصحابها، لا أساس لها من الصحة، ولا يجوز للمسلم أن يأتيهم ولا أن يسألهم، لا المنجمين ولا الرّمالين، ولا جميع الكهنة والعرّافين، الذين يدعون بعض علوم الغيب بهذه الأشياء، فيجب هجرهم وتأديبهم والقضاء عليهم من جهة ولاة الأمور، حتى لا يضرّوا الناس ولا يضلوهم، ولا يجوز سؤالهم ولا تصديقهم، قال النبي - صلى الله عليه وسلم- : «من أتى عرافًا فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين يومًا» والعرّاف هو المنجم والرمّال والكاهن ونحوهم، ممن يدعي علم بعض المغيبات، بالطرق التي سلكها، بالطرق الشيطانية من تنجيم، أو ضرب بالحصى، أو أشباه ذلك من طرقهم الفاسدة، وقال -عليه الصلاة والسلام- أيضًا: «من أتى كاهنًا فصدّقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد» -عليه الصلاة والسلام- فأخبارهم باطلة، ولا يجوز سؤالهم ولا تصديقهم وعلى من فعل هذا التّوبة إلى الله سبحانه وتعالى، والإنابة إليه، والندم على ما مضى وعدم العود إلى ذلك، أما هذا الرجل المطلق، فإن كان عقله معه، فإنه يقع الطلاق لكن يكون واحدة؛ لأن الصحيح من أقوال العلماء أن الطلاق بالثلاث بكلمة واحدة، كتابيًّا أو لفظًا لا يقع به إلاّ واحدة؛ لما ثبت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- في حديث ابن عباس، أن الطلاق كان على عهد رسول الله طلاق الثلاث واحدة، وهكذا على عهد الصديق، وعهد عمر في أول خلافته، ثم إن عمر -رضي الله عنه- أمضى ذلك، أمضى الثلاث وقال إن الناس قد استعجلوا في أمرٍ كانت لهم فيه أناة، فلأمضينّه عليهم، فأمضاه عليهم، أما في عهده - صلى الله عليه وسلم- ، إن الثلاث بلفظ واحد، تعتبر واحدة، لكن إن كان عقله غير مستقيم بسبب ما أصابه، وعرف الثقات العارفون به، أن مثله يعتبر معتوهًا، فإنه لا يقع طلاق، أما إن كان عقله مضبوطًا، والمرض ما أثّر على عقله، فإنه يقع عليها طلقة بهذا الطلاق، ويكون بقاؤها عنده من غير رجعة غلطًا منه، ويعتبر جماعه لها مراجعة لها إذا كان أراد بمجامعتها مراجعتها وردّها إليه، فإن الجماع على الصحيح يكون مراجعة لها مع النية أمّا من غير نيّة فهذا فيه خلاف قويّ بين أهل العلم، ولعل الصواب أنه يتم بذلك الرجعة لجهله بذلك، فيكون راجعها بالجماع، حال حملها وتكون زوجة له، ويكون مضى عليها طلقة تعتبر هذه طلقة واحدة، أمّا إن كان ما راجعها ولا اتّصل بها حتى الآن فإنها بوضعها الحمل قد خرجت من عدته، ومضى عليها طلقة وله أن يعود إليها بنكاح جديد، ومهرٍ جديد كخاطب من الخطاب كأنه أجنبي، يخطبها لنفسه، فإذا وافقت فإنّه يتزوجها بزواج جديد؛ لكونها خرجت من العدة، بوضع الحمل، هذا إذا كان ما جامعها بعد الطلاق، أمّا إن كان جامعها بعد الطلاق، فإنه يعتبر رجعة لها، وتبقى عنده على طلقتين، ومضى عليها طلقة، إذا كان ما طلقها قبل ذلك، سوى هذه الطلقة. نسأل الله للجميع الهداية.
المصدر :
الشيخ ابن باز من فتاوى نور على الدرب(22/153- 157)