عدد الزوار 13 التاريخ Monday, September 23, 2024 11:47 AM
فأجاب: صَحَّ عَنْ أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: (لَا نِكَاحَ إِلَّا بِوَلِيٍّ). رَوَاهُ أَحْمَدُ وَبَعْضُ أَهْلِ السُّنَنِ.
قَالَ المَرُّوذِيُّ: سَأَلْتُ أَحْمَدَ وَيحْيَى عَنْ حَدِيثِ: "لَا نِكاحَ إِلَّا بِوَلِىٍّ". فَقَالَا: صَحِيحٌ، وَصَحَّحَهُ عَلِيُّ ابْنُ المَدِينِيُّ، وَابْنُ القَيِّمِ، وَابْنُ المُلَقِّنِ، وَابْنُ حَجَرٍ وَغَيْرُهُمْ.
وَثَبَتَ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، أنَّ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: (أَيُّمَا امْرَأَةٍ نَكَحَتْ بِغَيْرِ إِذْنِ وَلِيِّهَا فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ، فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ، فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ، فَإِنْ دَخَلَ بِهَا فَلَهَا المَهْرُ بِمَا اسْتَحَلَّ مِنْ فَرْجِهَا، فَإِنِ اشْتَجَرُوا فَالسُّلْطَانُ وَلِيُّ مَنْ لَا وَلِيَّ لَهُ). رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَحَسَّنَهُ، وَصَحَّحَهُ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ، وَأَبُو عَوَانَةَ، وَابْنُ خُزَيْمَةَ، وَابْنُ حِبَّانَ، وَالْحَاكِمُ، وَالذَّهَبِيُّ.
قَالَ ابْنُ قُدَامَةَ: فَإِنْ قِيلَ: فَإِنَّ الزُّهْرِيَّ رَاوِيهِ وَقَدْ أَنْكَرَهُ. قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: سَأَلْتُ الزُّهْرِيَّ عَنْهُ فَلَمْ يَعْرِفْهُ. قُلْنَا لَهُ: لَمْ يَقُلْ هَذَا عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ غَيْرُ ابْنِ عُلَيَّةَ، كَذَلِكَ قَالَ الإِمَامُ أَحْمَدُ وَيَحْيَى: وَلَوْ ثَبَتَ هَذَا لَمْ يكُنْ حُجَّةً؛ لِأَنَّهُ قَدْ نقَلَهُ ثِقَاتٌ عَنْهُ، فَلَوْ نَسِيَهُ الزُّهْرِيُّ لَمْ يُضِرْهُ؛ لِأَنَّ النِّسْيَانَ لَمْ يُعْصَمْ مِنْهُ إِنْسَانٌ. انْتَهَى.
قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: وَأَخْرَجَهُ سُفْيَانُ فِي جَامِعِهِ، وَمِنْ طَرِيقِهِ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ بِلَفْظِ: (لَا نِكَاحَ إِلَّا بِوَلِيٍّ مُرْشِدٍ أَوْ سُلْطَانٍ). انْتَهَى.
إِذَا تَقَرَّرَ هَذَا وَأَنَّهُ يُشْتَرَطُ الوَلِيُّ فِي عَقْدِ النِّكَاحِ فِي قَوْلِ جُمْهُورِ أَهْلِ العِلْمِ خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ، فَتَرْتِيبُ الوِلَايَةِ عَلَى القَوْلِ الرَّاجِحِ كَالتَّالِي:
١- الأَبُ وَإِنْ عَلَا
٢- ثُمَّ الابْنُ وَإِنْ نَزَلَ
٣- ثُمَّ الأَخُ الشَّقِيقُ، ثُمَّ الأَخُ لِأَبٍ، ثُمَّ بَنُوهُمْ وَإِنْ نَزَلُوا
٤- ثُمَّ الأَعْمَامُ، ثُمَّ بَنُوهُمْ وَإِنْ سَفُلُوا.
٥- ثُمَّ وَلَاءً
٦- ثُمَّ السُّلْطَانُ.
وَيُقَدَّمُ الأَقْرَبُ مَنْزِلَةً كَالابْنِ عَلَى ابْنِ الابْنِ، ثُمَّ الأَقْوَى جِهَةً كَالأَخِ الشَّقِيقِ عَلَى الأَخِ لِأَبٍ.
وَيَجِبُ مرَاعَاةُ الوَلِيِّ الأَقْرَبِ لَا سِيَّمَا فِي الأُبُوَّةِ، وَكَذَلِكَ البُنُوَّةُ، فَلَا يُزَوَّجُ البَعِيدُ إِلَّا إِذَا تَعَذَّرَ القَرِيبُ لِغَيْبَةٍ أَوْ لِعَدَمِ أَهْلِيَّةٍ.
قَالَ ابْنُ قُدَامَةَ: وَجُمْلَتُهُ أَنَّ الوِلَايَةَ بَعْدَ مَنْ ذَكَرْنَا تَتَرتَّبُ عَلَى تَرْتِيبِ الإِرْثِ بِالتَّعْصِيبِ، فَأَحَقُّهُمْ بِالمِيرَاثِ أَحَقُّهُم بِالوِلَايَةِ، فَأَوْلَاهُمْ بَعْدَ الآبَاءِ بَنُو المَرْأةِ، ثُمَّ بَنُوهُم وَإِنْ سَفُلُوا، ثُمَّ بَنُو أَبِيهَا وَهُمُ الإِخْوَةُ، ثُمَّ بَنُوهُم وَإِنْ سَفُلُوا، ثُمَّ بَنُو جَدِّهَا وَهُمُ الأَعْمَامُ، ثُمَّ بَنُوهُمْ وَإِنْ سَفُلُوا، ثُمَّ بَنُو جَدِّ الأَبِ وَهُمْ أَعْمَامُ الأَبِ، ثُمَّ بَنُوهُمْ وَإِنْ سَفُلُوا، ثُمَّ بَنُو جَدِّ الْجَدِّ، ثُمَّ بَنُوهُمْ، وَعَلَى هَذَا لَا يَلِي بَنُو أَبٍ أَعْلَى مَعَ بَنِي أَبٍ أَقْرَبَ مِنْهُ وَإِنْ نَزَلَتْ درَجَتُهُمْ، وَأَوْلَى وَلَدِ كُلِّ أَبٍ أقْرَبُهُمْ إِلَيْهِ؛ لِأَنَّ مَبْنَى الوِلَايَةِ عَلَى النَّظَرِ وَالشَّفَقَةِ، وَذَلِكَ مُعْتَبَرٌ بمَظنَّتِهِ، وَهِي القَرَابَةُ، فَأَقْرَبُهُم أَشْفَقُهُمْ، وَلَا نَعْلَمُ فِي هَذَا خِلَافًا بَيْنَ أَهْلِ العِلْمِ.
وَلَا وِلَايَةَ لِغَيْرِ العَصَبَاتِ مِنَ الأَقَارِبِ، كَالأَخِ مِنَ الأُمِّ، وَالخَالِ، وَعَمِّ الأُمِّ، وَالجَدِّ أَبِي الأُمِّ وَنَحْوِهِمْ. نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ فِي مَوَاضِعَ.
وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ، وَإِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ.
وَالثَّانِيَةُ، أَنَّ كُلَّ مَنْ يَرِثُ بِفَرْضٍ أَوْ تَعْصِيبٍ يَلِي؛ لِأَنَّهُ مِنْ أَهْلِ مِيرَاثِهَا، فوَلِيُّها كَعَصَبَاتِهَا. انْتَهَى.
قَالَ الخِرَقِيُّ: "وَإذَا زَوَّجَهَا مَنْ غَيْرُهُ أوْلَى مِنْهُ، وَهُوَ حَاضِرٌ، وَلَمْ يَعْضُلْهَا، فَالنِّكَاحُ فَاسِدٌ".
قَالَ ابْنُ قُدَامَةَ: إِذَا زَوَّجَهَا الوَلِيُّ الأَبْعَدُ، مَعَ حُضُورِ الوَلِيِّ الأَقْرَبِ، فَأَجَابَتْهُ إِلَى تَزْوِيجِهَا مِنْ غَيْرِ إِذْنِهِ، لَمْ يَصِحَّ. وَبِهَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ.
وَقَالَ مَالِكٌ: يَصِحُّ.
وَقَالَ: النِّكَاحُ فِي هَذَا كُلِّهِ بَاطِلٌ، فِي أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ.
نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ فِي مَوَاضِعَ.
وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ، وَأَبِي عُبَيدٍ، وَأَبِي ثَوْرٍ.
وَعَنْ أَحْمَدَ رِوَايَةٌ أُخْرَى، أَنَّهُ يَقِفُ عَلَى الإِجَازَةِ؛ فَإِنْ أَجَازَهُ جَازَ، وَإِنْ لَمْ يُجِزْهُ فَسَدَ. انْتَهَى. وَاللهُ أَعْلَمُ.