عدد الزوار 14 التاريخ Monday, September 23, 2024 11:46 AM
فأجاب: اخْتَلَفَ العُلَمَاءُ فِي ذَلِكَ عَلَى قَوْلَيْنِ: قَالَ ابْنُ قُدَامَةَ: فَصْلٌ: إِذَا انْقَطَعَ حَيْضُ المَرْأَةِ فِي المَرَّةِ الثَّالِثَةِ، وَلَمَّا تَغْتَسِلْ، فَهَلْ تَنْقَضِي عِدَّتُهَا بِطُهْرِهَا؛ فِيهِ رِوَايَتَانِ، ذَكَرَهُمَا ابْنُ حَامِدٍ؛ إِحْدَاهُمَا، لَا تَنْقَضِي عِدَّتُهَا حَتَّى تَغْتَسِلَ، وَلِزَوْجِهَا رَجْعَتُهَا فِي ذَلِكَ ... وهَذَا قَوْلُ كَثِيرٍ مِنْ أَصْحَابِنَا، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ، وَعَلِيٍّ، وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَسَعِيدِ بْنِ المُسَيَّبِ، وَالثَّوْرِيِّ، وَأَبِي عُبَيْدٍ، وَرُوِيَ نَحْوُهُ عَنْ أَبِي بُكَرٍ الصِّدِّيقِ، وَأَبِي مُوسَى، وَعُبَادَةَ، وَأَبِي الدَّرْدَاءِ ... وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ، أَنَّ العِدَّةَ تَنْقَضِي بِمُجَرَّدِ الطُّهْرِ قَبْلَ الغُسْلِ، وَهُوَ قَوْلُ طَاوُسٍ، وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَالأَوْزَاعِيِّ، وَاخْتارَهُ أَبُو الخَطَّابِ؛ لِقَوْلِه تعالى: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ}. والقُرْءُ: الحَيْضُ. وقد زَالَتْ، فيَزُولُ التَّرَبُّصُ. انْتَهَى.
وَلَمَّا كَانَ القَوْلُ بِأَنَّ العِدَّةَ تَنْقَضِي بِالاغْتِسَالِ أَقْرَبُ إِلَى التَّيْسِيرِ، وَهُوَ قَوْلُ بَعْضِ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ، أَقُولُ بِهِ.
وَقَدْ رَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ، أَنَّ عَلِيًّا قَالَ فِي رَجُلٍ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ تَطْلِيقَةً أَوْ تَطْلِيقَتَيْنِ، قَالَ: «تَحِلُّ لِزَوْجِهَا الرَّجْعَةُ عَلَيْهَا حَتَّى تَغْتَسِلَ مِنَ الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ، وَتَحِلُّ لَهَا الصَّلَاةُ».
وَعَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَلِيٍّ مِثْلَهُ.
وَعَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ حَمَّادٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ: «تَحِلُّ لِزَوْجِهَا الرَّجْعَةُ عَلَيْهَا حَتَّى تَغْتَسِلَ مِنَ الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ، وَتَحِلُّ لَهَا الصَّلَاةُ».
عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ مِثْلَهُ.
وَعَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ رُفَيْعٍ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: أَرْسَلَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ إِلَى أَبِي يَسْأَلُهُ عَنْهَا، فَقَالَ أَبِي: «كَيْفَ يُفْتِي مُنَافِقٌ؟» فَقَالَ عُثْمَانُ: نُعِيذُكُ بِاللَّهِ أَنْ تَكُونَ مُنَافِقًا، وَنُعَوِّذُكَ بِاللَّهِ أَنْ نُسَمِّيَكَ مُنَافِقًا، وَنُعَوِّذُكَ بِاللَّهِ أَنْ يَكُونَ مِنْكَ كَائِنٌ فِي الْإِسْلَامِ، ثُمَّ تَمُوتَ وَلَمْ تُبَيِّنْهُ قَالَ: «فَإِنِّي أَرَى أَنَّهُ أَحَقُّ بِهَا حَتَّى تَغْتَسِلَ مِنْ آخِرِ الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ، وَتَحِلُّ لَهَا الصَّلَاةُ». قَالَ: فَلَا أَعْلَمُ عُثْمَانَ إِلَّا أَخَذَ بِذَلِكَ.
وَعَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: جَاءَتِ امْرَأَةٌ وَزَوْجُهَا إِلَى عُمَرَ، فَقَالَتْ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إِنَّ زَوْجِي طَلَّقَنِي فَانْقَطَعَ عَنِّي الدَّمُ مُنْذُ ثَلَاثِ حِيَضٍ، فَأَتَانِي وَقَدْ وَضَعْتُ مَائِي، وَرَدَدْتُ بَابِي، وَخَلَعْتُ ثِيَابِي، فَقَالَ: قَدْ رَاجَعْتُكِ، فَقَالَ عُمَرُ لِابْنِ مَسْعُودٍ: مَا تَرَى فِيهَا؟ قَالَ: «أَرَى أَنَّهَا امْرَأَتُهُ مَا دُونَ أَنْ تَحِلَّ لَهَا الصَّلَاةُ» قَالَ عُمَرُ: «وَأَنَا أَرَى ذَلِكَ».
عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُرَّةَ، عَنْ حَمَّادٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ نَحْوَهُ.
وَقَالَ عُمَرُ لِابْنِ مَسْعُودٍ: «أَنْتَ لِهَذِهِ يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ».
وَقَالَ الهَيْثَمِيُّ: رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.