عدد الزوار 340 التاريخ Sunday, July 23, 2023 8:40 PM
فَأَجَابَ: يُكْرَهُ أَوْ يَحْرُمُ إِفْرَادُ يَوْمِ الجُمُعَةِ بِالصِّيَامِ، إِلَّا أَنْ يَدْخُلَ فِي أَيَّامِ صَوْمِهِ، كَأَنْ يَكُونَ عَادَتُهُ صَوْمَ يَوْمٍ وَإِفْطَارَ يَوْمٍ، أَوْ يُوَافِقَ أَيَّامًا فَاضِلَةً، كَيَوْمِ عَرَفَةَ أَوْ يَوْمِ عَاشُورَاءَ فَلَا يُكْرَهُ، وَفِي حُكْمِ إِفْرَادِ يَوْمِ الجُمُعَةِ بِالصِّيَامِ لِغَيْرِ سَبَبٍ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ:
القَوْلُ الأَوَّلُ: أَنَّهُ يُبَاحُ إِفْرَادُ يَوْمِ الجُمُعَةِ بِالصِّيَامِ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ، وَهُوَ قَوْلُ الحَنَفِيَّةِ، وَالمَالِكِيَّةِ.
لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ صَامَ يَوْمَ الجُمُعَةِ، كَتَبَ اللهُ لَهُ عَشَرَةَ أيَّامٍ عَدَدَهُنَّ مِنْ أَيَّامِ الآخِرَةِ، لَا يُشَاكِلُهُنَّ أَيَّامُ الدُّنْيَا». رَوَاهُ البَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ ضَعِيفٍ.
وَلِحَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: «خَمْسٌ مَنْ عَمِلَهُنَّ فِي يَوْمٍ كَتَبَهُ اللهُ مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ: مَنْ صَامَ يَوْمَ الجُمُعَةِ، وَرَاحَ إِلَى الجُمُعَةِ، وَشَهِدَ جَنَازَةً، وَأَعْتَقَ رَقَبَةً». رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ وَحَسَّنَهُ غَيْرُهُ.
وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَصُومُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مِنْ غُرَّةِ كُلِّ شَهْرٍ، وَقَلَّمَا يُفْطِرُ يَوْمَ الجُمُعَةِ». رَوَاهُ بَعْضُ أَهْلِ السُّنَنِ، وَحَسَّنَهُ التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ، وَلَهُ شَاهِدٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ، رَوَاهُمَا ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ.
القَوْلُ الثَّانِي: أَنَّهُ يُكْرَهُ كَرَاهِيَةَ تَنْزِيهٍ، وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيَّةِ، وَالحَنَابِلَةِ.
القَوْلُ الثَّالِثُ: أَنَّ إِفْرَادَهُ بِالصَّوْمِ يَحْرُمُ، وَبِهِ قَالَ أَهْلُ الظَّاهِرِ.
وَدَلِيلُ القَوْلِ الثَّانِي وَالثَّالِثِ حَدِيثُ جَابِرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّهُ سُئِلَ: «أَنَهَى النَّبِيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ صَوْمِ يَوْمِ الجُمُعَةِ؟ قَالَ: «نَعَمْ». مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَغَيْرُهُ مِنَ الأَحَادِيثِ.
فَحَمَلَ القَائِلُونَ بِالكَرَاهَةِ النَّهْيَ عَلَى نَهْيِ التَّنْزِيهِ، وَحَمَلَهُ القَائِلُونَ بِالتَّحْرِيمِ عَلَى نَهْيِ التَّحْرِيمِ؛ لِأَنَّهُ الأَصْلُ، وَهُوَ قَوْلٌ وَجِيهٌ.
وَأَمَّا إِنْ كَانَ صَوْمُ يَوْمِ الجُمُعَةِ ضِمْنَ صِيَامٍ فَجَائِزٌ؛ لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا يَصُمْ أَحَدُكُمْ يَوْمَ الجُمُعَةِ، إِلَّا أَنْ يَصُومَ قَبْلَهُ، أَوْ يَصُومَ بَعْدَهُ». مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَعَنْهُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «لَا تَخْتَصُّوا لَيْلَةَ الجُمُعَةِ بِقِيَامٍ مِنْ بَيْنِ اللَّيَالِي، وَلَا تَخُصُّوا يَوْمَ الجُمُعَةِ بِصِيَامٍ مِنْ بَيْنِ الأَيَّامِ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ فِي صَوْمٍ يَصُومُهُ أَحَدُكُمْ». رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
وَعَنْهُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: «إِنَّ يَوْمَ الجُمُعَةِ يَوْمُ عِيدٍ، فَلَا تَجْعَلُوا يَوْمَ عِيدِكُمْ يَوْمَ صِيَامِكُمْ، إِلَّا أَنْ تَصُومُوا قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ». رَوَاهُ أَحْمَدُ وَابْنُ خُزَيْمَةَ، وَاخْتُلِفَ فِي ثُبُوتِهِ.
وَعَنْ بَشِيرِ بْنِ الخَصَاصِيَّةِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّهُ سَأَلَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أَصُومُ يَوْمَ الجُمُعَةِ، وَلَا أُكَلِّمُ ذَلِكَ اليَوْمَ أَحَدًا؟ فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا تَصُمْ يَوْمَ الجُمُعَةِ إِلَّا فِي أَيَّامٍ هُوَ أَحَدُهَا، أَوْ فِي شَهْرٍ». رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَقَدْ صُحِّحَ.
وَعَنْ جُوَيْرِيَةَ بِنْتِ الحَارِثِ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا: «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَخَلَ عَلَيْهَا يَوْمَ الجُمُعَةِ وَهِيَ صَائِمَةٌ، فَقَالَ: «أَصُمْتَ أَمْسِ»؟ قَالَتْ: لَا، قَالَ: «تُرِيدِينَ أَنْ تَصُومِي غَدًا»؟ قَالَتْ: لَا، قَالَ: «فَأَفْطِرِي». رَوَاهُ البُخَارِيُّ.