عدد الزوار 195 التاريخ Tuesday, September 27, 2022 6:23 AM
فأجاب: ثَبَتَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا يَنْظُرُ الرَّجُلُ إِلَى عَوْرَةِ الرَّجُلِ، وَلَا تَنْظُرُ المَرْأَةُ إِلَى عَوْرَةِ المَرْأَةِ ... الحَدِيثَ). رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ: «هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ»، وَصَحَّحَهُ غَيْرُهُ.
وَالْعَوْرَةُ المُغَلَّظَةُ السَّوْأَةُ، وَالمُخَفَّفَةُ كُلُّ مَا يُسْتَحَى مِنْهُ إِذَا ظَهَرَ.
وَهَذَا تَقْدِيرُهُ يَرْجِعُ لِعُرْفِ المُجْتَمَعِ النَّبَوِيِّ وَإِلَى عُرْفِ النَّاسِ الأَسْوِيَاءِ بَعْدَهُمْ.
وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قَالَ: «المَرْأَةُ عَوْرَةٌ». رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ، وَقَالَ: «هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ»، وَصَحَّحَهُ آخَرُونَ.
قَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَحَدُ الفُقَهَاءِ السَّبْعَةِ: "المَرْأَةُ كُلُّهَا عَوْرَةٌ حَتَّى ظُفْرُهَا".
وَالحَدِيثُ يُفِيدُ أَنَّ كُلَّ جُزْءٍ مِنْ بَدَنِ المَرْأَةِ عَوْرَةٌ فِي النَّظَرِ، فَلَا يَجُوزُ لَهَا إِبْدَاءُ شَيْءٍ مِنْهُ، لَا لِلرِّجَالِ الأَجَانِبِ، وَلَا لِلْمَحَارِمِ، وَلَا لِلنِّسَاءِ، إِلَّا مَا دَلَّ الدَّلِيلُ عَلَى جَوَازِ إِبْدَائِهِ،
وَلَيْسَ هُنَا دَلِيلٌ يُبِيحُ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَتَعَرَّى أَمَامَ المَحَارِمِ أَوِ النِّسَاءِ، بِكَشْفِ مَا فَوْقَ السُّرَّةِ وَتَحْتَ الرُّكْبَةِ قَصْدًا، وَلَا نُقِلَ هَذَا التَّعَرِّي عَنْ صَحَابِيَّةٍ، وَمَا كَانَ يَظْهَرُ مِنْ أَبْدَانِهِنَّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُنَّ، أَمَامَ النِّسَاءِ وَالمَحَارِمِ، إِلَّا مَا يَظْهَرُ عَادَةً أَوْ فِي عِبَادَةٍ، كَالرَّأْسِ وَالوَجْهِ وَالكَفَّيْنِ وَالقَدَمَيْنِ، وَمَا تُؤَدِّي إِلَيْهِ الحَاجَةُ مِمَّا يَظْهَرُ عِنْدَ الخِدْمَةِ فِي بَيْتِهَا، وَلِضَرُورَةِ حَرَكَةٍ وَإِصْلَاحِ شَأْنٍ، كَالعُنُقِ، وَأَنْصَافِ الذِّرَاعَيْنِ، وَأَنْصَافِ السَّاقَيْنِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ.
وَأَمَّا مَا دَعَتْ إِلَيْهِ الضَّرُورَةُ كَالكَشْفِ لِلْعِلَاجِ، وَمَا عَمَّتْ بِهِ البَلْوَى كَإِبْدَاءِ الثَّدْيِ لِلرَّضَاعَةِ عِنْدَ النِّسَاءِ فَيَجُوزُ.
وَمَا يَفْعَلُهُ كَثِيرٌ مِنَ الفَتَيَاتِ اليَوْمَ مِنَ التَّعَرِّي وَإِظْهَارِ مَا فَوْقَ السُّرَّةِ وَتَحْتَ الرُّكْبَةِ فِي الحَفَلَاتِ النِّسَائِيَّةِ أَوْ بَيْنَ المَحَارِمِ فَمُحْدَثٌ وَعَمَلٌ مَرْدُودٌ؛ لِتَعَارُضِهِ مَعَ ظَاهِرِ النَّقْلِ وَمُقْتَضَى العَقْلِ، وَلِمُخَالَفَتِهِ لِعَمَلِ الصَّحَابِيَّاتِ، وَهُوَ مُخَالِفٌ لِلْحَيَاءِ وَالحِشْمَةِ، وَفِيهِ تَشَبُّهٌ مَنْهِيٌّ عَنْهُ.
وَأَمَّا تَشَبُّثُ بَعْضِ المُتَهَاوِنَاتِ بقَوْلِ مَنْ يُعْتَدُّ بِقَوْلِهِ بِأَنَّ عَوْرَةَ المَرْأَةِ مَعَ المَرْأَةِ مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ، فَلَوِ افْتَرَضْنَا أَنَّهُ عَلَى إِطْلَاقِهِ؛ فَإِنَّ كُلَّ أَحَدٍ يُحْتَجُّ لِقَوْلِهِ لَا بِقَوْلِهِ، إِلَّا النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
ثُمَّ إِنَّ هَذَا الضَّابِطَ لَيْسَ عَلَى إِطْلَاقِهِ، قَالَ شَيْخُنَا مُحَمَّدٌ العُثَيْمِينُ - رَحِمَهُ اللهُ -: "وَلَكِنْ لَا يَعْنِي أَنَّ النِّسَاءَ يَلْبَسْنَ أَمَامَ النِّسَاءِ ثِيَابًا قَصِيرَةً لَا تَسْتُرُ إِلَّا مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ؛ فَإِنَّ هَذَا لَمْ يَقُلْهُ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ العِلْمِ".
وَفِي بَيَانٍ لِلَّجْنَةِ الدَّائِمَةِ مَا نَصُّهُ: (وَقَدْ دَلَّ ظَاهِرُ القُرْآنِ عَلَى أَنَّ المَرْأَةَ لَا تُبْدِي لِلْمَرْأَةِ إِلَّا مَا تُبْدِيهِ لِمَحَارِمِهَا، مِمَّا جَرَتِ العَادَةُ بِكَشْفِهِ فِي البَيْتِ وَحَالَ المِهْنَةِ ... كَانْكِشَافِ الرَّأْسِ وَاليَدَيْنِ وَالعُنُقِ وَالقَدَمَيْنِ)، وَقَدْ أَفْتَى كَثِيرٌ مِنْ عُلَمَائِنَا بِمِثْلِ مَا فِي بَيَانِ اللَّجْنَةِ الدَّائِمَةِ.
وَإِذَا تَقَرَّرَ هَذَا فَإِنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ مُرَاعَاةِ مَقَاصِدِ الشَّرِيعَةِ الإِسْلَامِيَّةِ فِي حِفْظِ العَوْرَاتِ، وَدَرْءِ مَفَاسِدِ التَّعَرِّي، وَفِي إِيصَادِ بَابِ الفِتْنَةِ.
وَلَا بُدَّ مِنْ تَقْدِيرِ طَبِيعَةِ المَرْأَةِ؛ فَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النِّسَاءِ تَسْتَمِيلُهُنَّ المُوضَاتُ، وَيَتَوَسَّعْنَ وَيَتَدَرَّجْنَ فِي التَّنَازُلَاتِ، وَقَدْ أَخْبَرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُنَّ نَاقِصَاتُ عَقْلٍ وَدِينٍ، وَأَنَّهُ لَمْ يَكْمُلْ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا أَرْبَعٌ، أَوْ كَمَا قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَنَّهُنَّ أَكْثَرُ مَنْ يَخْرُجُ إِلَى الدَّجَّالِ، وَأَنَّهُنَّ أَكْثَرُ أَهْلِ النَّارِ، وَأَكْثَرُ حَطَبِ جَهَنَّمَ.
وَلَا شَكَّ أَنَّ فِي النِّسَاءِ مَنْ هِيَ خَيْرٌ مِنْ كَثِيرٍ مِنَ الرِّجَالِ وَأَرْجَحُ عَقْلًا، وَمَا أَكْثَرَ النِّسَاءَ العَاقِلَاتِ التَّقِيَّاتِ النَّقِيَّاتِ، وَالعَالِمَاتِ العَامِلَاتِ، وَالدَّاعِيَاتِ المُحْسِنَاتِ؛ فَنَسْأَلُ اللهَ الهِدَايَةَ وَحُسْنَ الخَاتِمَةِ.
وَمَنْ أَرَادَ التَّوَسُّعَ فَلْيَرْجِعْ إِلَى كِتَابِنَا المَوْسُومِ بِـ "الأَدِلَّةُ الصَّوَارِمُ عَلَى مَا يَجِبُ سَتْرُهُ مِنَ المَرْأَةِ عِنْدَ النِّسَاءِ وَالمَحَارِمِ".