عدد الزوار 145 التاريخ Sunday, March 20, 2022 5:58 AM
(375)
مَا صِحَّةُ هَذَا الحَدِيثِ؟
سُئِلَ فَضِيلَةُ الشَّيْخِ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ النُّمَيُّ – حَفِظَهُ اللهُ -: مَا صِحَّةُ حَدِيثِ مُعَاذٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَخْبِرْنِي بِعَمَلٍ يُدْخِلُنِي الْجَنَّةَ وَيُبَاعِدُنِي مِنَ النَّارِ، قَالَ: لَقَدْ سَأَلْتَ عَنْ عَظِيمٍ ... الحَدِيثِ؟
فأجاب: الحَدِيثُ حَسَنٌ. قَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عُمَرَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ الصَّنْعَانِيُّ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ أَبِي النَّجُودِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، قَالَ: كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي سَفَرٍ، فَأَصْبَحْتُ يَوْمًا قَرِيبًا مِنْهُ وَنَحْنُ نَسِيرُ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَخْبِرْنِي بِعَمَلٍ يُدْخِلُنِي الجَنَّةَ وَيُبَاعِدُنِي عَنِ النَّارِ، قَالَ: «لَقَدْ سَأَلْتَنِي عَنْ عَظِيمٍ، وَإِنَّهُ لَيَسِيرٌ عَلَى مَنْ يَسَّرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ ... إِلَى قَوْلِهِ: إِلَّا حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِمْ». وَقَالَ: «هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ». وخَرَّجَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ، وَالنَّسَائِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ، مِنْ رِوَايَةِ مَعْمَرٍ بِهِ.
وَأَبُو وَائِلٍ شَقِيقُ بْنُ سَلَمَةَ الأَسَدِيُّ مِنْ كِبَارِ التَّابِعِينَ، أَدْرَكَ مِنَ الجَاهِلِيَّةِ سَبْعَ سِنِينَ، وَأَسْلَمَ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَمْ يَرَهُ.
كَانَ يُرْسِلُ، وَعَدَّ الحَاكِمُ أَبَا وَائِلٍ مِمَّنْ أَدْرَكَ العَشَرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَسَمِعَ مِنْهُمْ، وَاللهُ أَعْلَمُ.
وَعَاصِمُ بْنُ بَهْدَلَةَ، وَهُو ابْنُ أَبِي النَّجُودِ، قَالَ يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ: فِي حَدِيثِهِ اضْطِرَابٌ، وَهُوَ ثِقَةٌ. وَقَدْ تَكَلَّمَ فِيهِ ابْنُ عُلَيَّةَ، فَقَالَ: كُلُّ مَنْ اسْمُهُ عَاصِمٌ سَيِّئُ الحِفْظِ. وَقَالَ العُقَيْلِيُّ: لَمْ يَكُنْ فِيهِ إِلَّا سُوءُ الحِفْظِ. وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: فِي حِفْظِهِ شَيْءٌ. وَحَدِيثُهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ مَقْرُونٌ.
قَالَ ابْنُ رَجَبٍ عَنْ تَصْحِيحِ التِّرْمِذِيِّ لِلْحَدِيثِ: وَفِيمَا قَالَهُ رَحِمَهُ اللَّهُ نَظَرٌ مِنْ وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ سَمَاعُ أَبِي وَائِلٍ مِنْ مُعَاذٍ، وَإِنْ كَانَ قَدْ أَدْرَكَهُ بِالسِّنِّ، وَكَانَ مُعَاذٌ بِالشَّامِ، وَأَبُو وَائِلٍ بِالْكُوفَةِ، وَمَا زَالَ الْأَئِمَّةُ - كَأَحْمَدَ وَغَيْرِهِ - يَسْتَدِلُّونَ عَلَى انْتِفَاءِ السَّمَاعِ بِمِثْلِ هَذَا، وَقَدْ قَالَ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ فِي سَمَاعِ أَبِي وَائِلٍ مِنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ: قَدْ أَدْرَكَهُ، وَكَانَ بِالْكُوفَةِ وَأَبُو الدَّرْدَاءِ بِالشَّامِ، يَعْنِي: أَنَّهُ لَمْ يَصِحَّ لَهُ سَمَاعٌ مِنْهُ.
وَقَدْ حَكَى أَبُو زُرْعَةَ الدِّمَشْقِيُّ عَنْ قَوْمٍ، أَنَّهُمْ تَوَقَّفُوا فِي سَمَاعِ أَبِي وَائِلٍ مِنْ عُمَرَ، أَوْ نَفَوْهُ، فَسَمَاعُهُ مِنْ مَعَاذٍ أَبْعَدُ.
وَالثَّانِي: أَنَّهُ قَدْ رَوَاهُ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ أَبِي النَّجُودِ، عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ، عَنْ مُعَاذٍ، خَرَّجَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ مُخْتَصَرًا، قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: وَهُوَ أَشْبَهُ بِالصَّوَابِ؛ لِأَنَّ الْحَدِيثَ مَعْرُوفٌ مِنْ رِوَايَةِ شَهْرٍ عَلَى اخْتِلَافٍ عَلَيْهِ فِيهِ.
قُلْتُ: رِوَايَةُ شَهْرٍ عَنْ مُعَاذٍ مُرْسَلَةٌ يَقِينًا، وَشَهْرٌ مُخْتَلَفٌ فِي تَوْثِيقِهِ وَتَضْعِيفِهِ، وَقَدْ خَرَّجَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ مِنْ رِوَايَةِ شَهْرٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ غَنْمٍ، عَنْ مُعَاذٍ، وَخَرَّجَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ أَيْضًا مِنْ رِوَايَةِ عُرْوَةَ بْنِ النَّزَّالِ، أَوِ النَّزَّالِ بْنِ عُرْوَةَ، وَمَيْمُونِ بْنِ أَبِي شَبِيبٍ، كِلَاهُمَا عَنْ مُعَاذٍ، وَلَمْ يَسْمَعْ عُرْوَةُ وَلَا مَيْمُونٌ مِنْ مُعَاذٍ، وَلَهُ طُرُقٌ أُخْرَى عَنْ مُعَاذٍ كُلُّهَا ضَعِيفَةٌ.