عدد الزوار 139 التاريخ Monday, March 7, 2022 1:15 AM
(360)
مَا دَرَجَةُ هَذَا الحَدِيثِ؟
سُئِلَ فَضِيلَةُ الشَّيْخِ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ النُّمَيُّ – حَفِظَهُ اللهُ -: مَا دَرَجَةُ حَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ: (اتَّقِ اللَّهِ حَيْثُمَا كُنْتَ)؟
فأجاب: الحَدِيثُ حَسَنٌ، رِجَالُهُ قَدْ وُثِّقُوا، وَلَهُ شَوَاهِدُ، إِلَّا أَنَّ فِيهَا ضَعْفًا، وَمَعْنَاهُ ثَابِتٌ فِي الكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، وَقَدْ اخْتُلِفَ فِي سَنَدِ الحَدِيثِ، قَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ مَيْمُونِ بْنِ أَبِي شَبِيبٍ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ، قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «اتَّقِ اللَّهِ حَيْثُمَا كُنْتَ، وَأَتْبِعِ السَّيِّئَةَ الحَسَنَةَ تَمْحُهَا، وَخَالِقِ النَّاسَ بِخُلُقٍ حَسَنٍ». وَفِي البَابِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ. (هَكَذَا فِي أَكْثَرِ النُّسَخِ، وَفِي بَعْضِها: حَسَنٌ صَحِيحٌ، وَاسْتَبْعَدَ ذَلِكَ ابْنُ رَجَبٍ).
حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ غَيْلَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ، وَأَبُو نُعَيْمٍ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ حَبِيبٍ، بِهَذَا الإِسْنَادِ نَحْوَهُ، قَالَ مَحْمُودٌ: وَحَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ مَيْمُونِ بْنِ أَبِي شَبِيبٍ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، نَحْوَهُ، قَالَ مَحْمُودٌ: وَالصَّحِيحُ حَدِيثُ أَبِي ذَرٍّ. انتهى.
وأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ، وَالدَّارِمِيُّ، وَأَبُو نُعَيْمٍ فِي الحِلْيَةِ، وَالْبَيْهَقِيُّ فِي شُعَبِ الْإِيمَانِ، وَقَدْ رَوَاهُ الحَاكِمُ مِنْ طَرِيقِ سُفْيَانَ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ مَيْمُونِ بْنِ أَبِي شَبِيبٍ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ. وَقَالَ: هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ. وَوَافَقَهُ الذَّهَبِيُّ.
وَهَذَا مِمَّا يُسْتَدْرَكُ عَلَيْهِمَا، فَمَيْمُونٌ إِنَّمَا رَوَى لَهُ البُخَارِيُّ فِي "الأَدَبِ المُفْرَدِ"، وَمُسْلِمٌ فِي "مُقَدِّمَةِ كِتَابِهِ".
وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ المَدِينِيِّ: خَفِيَ عَلَيْنَا أَمْرُ مَيْمُونِ بْنِ أَبِي شَبِيبٍ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَالِحُ الحَدِيثِ. وَذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي كِتَابِ "الثِّقَاتِ"، وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: ضَعِيفٌ.
وَرُوِيَ الحَدِيثُ عَنْ حَبِيبٍ، عَنْ مَيْمُونٍ: أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَصَّى بِذَلِكَ، مُرْسَلًا، وَرَجَّحَ الدَّارَقُطْنِيُّ هَذَا الْمُرْسَلَ.
وَمَيْمُونٌ رَوَى عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، وَعُمَرَ، وَعَلِيٍّ، وَأَبِي ذَرٍّ، وَالمِقْدَادِ، وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَقَيْسِ بْنِ سَعْدٍ، وَالمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، وَعَائِشَةَ، وَسَمُرَةَ بْنِ جُنْدَبٍ.
قَالَ عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ الفَلَّاسُ: كَانَ مِنْ أَهْلِ الخَيْرِ، وَلَيْسَ يَقُولُ فِي شَيْءٍ مِنْ حَدِيثِهِ: سَمِعْتُ، وَلَمْ أُخْبَرْ أَنَّ أَحَدًا يَزْعُمُ أَنَّهُ سَمِعَ مِنَ الصَّحَابَةِ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ: رَوَى عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ مُرْسَلًا، وَرَوَى عَنْ أَبِي ذَرٍّ مُرْسَلًا.
وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: "لَمْ يُدْرِكْ عَائِشَةَ، وَلَمْ يُدْرِكْ عَلِيًّا". وَإِذًا لَمْ يُدْرِكْ مُعَاذًا وَلَا أَبَا ذَرٍّ.
وَوَفَاتُهُ كَانَتْ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَثَمَانِينَ. إِلَّا أَنْ مَذْهَبَ الْبُخَارِيِّ وَشَيْخِهِ عَلِيِّ بْنِ الْمَدِينِيِّ، وَأَبِي زُرْعَةَ، وَأَبِي حَاتِمٍ، وَالجُمْهُورِ: أَنَّ الْحَدِيثَ لَا يَتَّصِلُ إِلَّا بِصِحَّةِ اللُّقِيِّ، وَكَلَامُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ، وَنَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ، وَهَذَا خِلَافُ مَذْهَبِ مُسْلِمٍ.
وَيُحْكَى عَنِ الإِمَامِ أَحْمَدَ، وَأَبِي زُرْعَةَ، وَأَبِي حَاتِمٍ: أَنَّ الاتِّصَالَ لَا يَثْبُتُ إِلَّا بِثُبُوتِ السَّمَاعِ، بَيْنَمَا يُحْكَى عَنِ ابْنِ المَدِينِيِّ وَالبُخَارِيِّ، اعْتِبَارُ أَحَدِ أَمْرَيْنِ: إِمَّا السَّمَاعُ وَإِمَّا اللِّقَاءُ.
كَذَلِكَ يُحْكَى عَنْهُمَا أَنَّ ثُبُوتَ صِحَّةِ اللِّقَاءِ شَرْطٌ فِي أَصْلِ صِحَّةِ الحَدِيثِ، وَهُوَ أَظْهَرُ، لَا شَرْطٌ فِي أَعْلَى دَرَجَاتِ الصِّحَّةِ كَمَا يَحْكِيهِ بَعْضُهُمْ عَنِ الإِمَامِ البُخَارِيِّ. وَاللهُ أَعْلَمُ.