عدد الزوار 152 التاريخ Saturday, January 8, 2022 10:27 AM
(299)
سُئِلَ فَضِيلَةُ الشَّيْخِ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ النُّمَيُّ – حَفِظَهُ اللهُ -: هَلْ ثَبَتَ حَدِيثٌ فِي تَعْيِينِ قِيَامِ السَّاعَةِ؟
فأجاب: لَا يَصِحُّ خَبَرٌ وَلَا أَثَرٌ فِي تَحْدِيدِ تَارِيخِ قِيَامِ السَّاعَةِ وَلَا مُدَّةِ الدُّنْيَا، وَإِنَّمَا الثَّابِتُ هُوَ قِيَامُهَا يَوْمَ الجُمُعَةِ؛ فَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قَالَ: "خَيْرُ يَوْمٍ طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ يَوْمُ الْجُمُعَةِ، فِيهِ خُلِقَ آدَمُ، وَفِيهِ أُدْخِلَ الْجَنَّةَ، وَفِيهِ أُخْرِجَ مِنْهَا، وَلَا تَقُومُ السَّاعَةُ إلَّا فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ"، وَزَادَ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ وَأَبُو دَاوُدَ وَغَيْرُهُمَا - قَالَ النَّوَوِيُّ: "بِأَسَانِيدَ عَلَى شَرْطِ الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ"، وَفِيهِ تِيبَ عَلَيْهِ، وَفِيهِ مَاتَ، وَمَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا وَهِيَ مُصِيخَةٌ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، مِنْ حِينِ يُصْبِحُ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ، شَفَقًا مِنْ السَّاعَةِ، إلَّا الْجِنَّ وَالْإِنْسَ".
قَوْلُهُ: (مُصِيخَةً) - بالخاء المعجمة -، وَفِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُدَ (مُسِيخَةٌ) - بِالسِّينِ –؛ أَيْ: مُصْغِيَةٌ.
وَأَمَّا مَا ذَكَرَهُ السُّيُوطِيُّ وَغَيْرُهُ، أَنَّ مُدَّةَ الدُّنْيَا سَبْعَةُ آلَافِ سَنَةٍ، وَأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بُعِثَ فِي أَوَاخِرِ الأَلْفِ السَّادِسَةِ، وَأَنَّ عُمْرَ الأُمَّةِ المُحَمَّدِيَّةِ أَكْثَرُ مِنْ أَلْفِ سَنَةٍ، وَأَقَلُّ مِنْ أَلْفٍ وَخَمْسِمِائَةٍ؛ فَكُلُّهُ بَاطِلٌ لَا يُعَوَّلُ عَلَيْهِ، وَمُخَالِفٌ أَيْضًا لِلْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ.
قَالَ تَعَالَى: (يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا ۖ قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِندَ رَبِّي ۖ لَا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلَّا هُوَ ۚ ثَقُلَتْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ لَا تَأْتِيكُمْ إِلَّا بَغْتَةً ۗ يَسْأَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا ۖ قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِندَ اللَّهِ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ).
وَقَالَ تَعَالَى: (يَسْـئَلُكَ النَّاسُ عَنِ السَّاعَةِ قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِندَ اللَّهِ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيبًا).
وَقَالَ تَعَالَى: (يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَهَا (42) فِيمَ أَنتَ مِن ذِكْرَاهَا (43) إِلَى رَبِّكَ مُنْتَهَـهَا).
وَعَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فِي حَدِيثِ جِبْرِيلَ الطَّوِيلِ، قَالَ فِيهِ: فَأَخْبِرْنِي عَنِ السَّاعَةِ، قَالَ: "مَا الْمَسْئُولُ عَنْهَا بِأَعْلَمَ مِنَ السَّائِلِ"، قَالَ: فَأَخْبِرْنِي عَنْ أَمَارَتِهَا، قَالَ: "أَنْ تَلِدَ الْأَمَةُ رَبَّتَهَا، وَأَنْ تَرَى الْحُفَاةَ الْعُرَاةَ الْعَالَةَ رِعَاءَ الشَّاءِ يَتَطَاوَلُونَ فِي الْبُنْيَانِ". ثُمَّ انْطَلَقَ، فَلَبِثْتُ مَلِيًّا، ثُمَّ قَالَ لِي رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "يَا عُمَرُ، أَتَدْرِي مَنِ السَّائِلُ؟"، قُلْتُ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ: "هَذَا جِبْرِيلُ أَتَاكُمْ يُعَلِّمُكُمْ دِينَكُمْ". رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
فَدَلَّ صَرِيحًا عَلَى أَنَّ عِلْمَ الْخَلْقِ كُلِّهِمْ فِي وَقْتِ السَّاعَةِ سَوَاءٌ، وَأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى اسْتَأْثَرَ بِعِلْمِهَا، وَفِي "صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ"، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: "مَفَاتِيحُ الْغَيْبِ خَمْسٌ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا اللَّهُ، ثُمَّ قَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ: (إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ ... الْآيَةَ)".
وَخَرَّجَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ، وَلَفْظُهُ: أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: "أُوتِيتُ مَفَاتِيحَ كُلِّ شَيْءٍ إِلَّا الْخَمْسَ: (إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ ... الْآيَة)".
وَقَدْ بَيَّنَ أَهْلُ العِلْمِ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ حَدِيثٌ فِي تَحْدِيدِ عُمْرِ الدُّنْيَا، وَلَا تَعْيِينِ مَتَى قِيَامُ السَّاعَةِ؛ مِنْهُمْ: ابْنُ القَيِّمِ، وَابْنُ كَثِيرٍ، وَالسَّخَاوِيُّ، وَغَيْرُهُمْ. وَاللهُ أَعْلَمُ.