عدد الزوار 126 التاريخ Friday, October 29, 2021 6:11 AM
فأجاب: عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، قَالَ: قَدِمَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمَدِينَةَ وَهُمْ يُسْلِفُونَ فِي الثِّمَارِ السَّنَةَ وَالسَّنَتَيْنِ، فَقَالَ: «مَنْ أَسْلَفَ فَلْيُسْلِفْ فِي كَيْلٍ مَعْلُومٍ، وَوَزْنٍ مَعْلُومٍ، إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ». رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ.
السَّلَمُ نَوْعٌ مِنَ البُيُوعِ، لَهُ شُرُوطٌ خَاصَّةٌ؛ لِذَا أُعْطِيَ اسْمًا خَاصًّا.
وَعَنِ الْمَاوَرْدِيِّ، أَنَّ السَّلَفَ لُغَةُ أَهْلِ الْعِرَاقِ، وَالسَّلَمَ لُغَةُ أَهْلِ الْحِجَازِ. وَاتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى مَشْرُوعِيَّتِهِ.
وَسُمِّيَ سَلَمًا لِتَسْلِيمِ رَأْسِ المَالِ فِي المَجْلِسِ.
وَيُعْرَفُ السَّلَمُ بِأَنَّهُ: "عَقْدٌ عَلَى مَوْصُوفٍ فِي الذِّمَّةِ، مُؤَجَّلٍ بِثَمَنٍ مَقْبُوضٍ فِي مَجْلِسِ العَقْدِ".
فَالسَّلَمُ دَيْنٌ مَوْصُوفٌ فِي الذِّمَّةِ غَيْرُ مُعَيَّنٍ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ العَقْدُ عَلَى عَيْنٍ مُعَيَّنَةٍ، وَلَوْ كَانَتْ مَوْصُوفَةً؛ لِأَنَّ العَيْنُ لَا تُسَمَّى سَلَمًا.
وَالجُمْهُورُ يَرَوْنَ اشْتِرَاطَ الأَجَلِ فِي صِحَّةِ السَّلَمِ، وَالشَّافِعِيَّةُ يُصَحِّحُونَ السَّلَمَ حَالًّا وَمُؤَجَّلًا.
وَالجُمْهُورُ يَشْتَرِطُونَ تَسْلِيمَ رَأْسِ المَالِ فِي مَجْلِسِ العَقْدِ، وَالمَالِكِيَّةُ يُجَوِّزُونَ تَأْجِيلَهُ اليَوْمَ وَاليَوْمَيْنِ وَالثَّلَاثَةَ؛ لِخِفَّةِ الأَمْرِ.
وَالْجُمْهُورُ يُجَوِّزُونَ السَّلَمَ فِيمَا لَيْسَ بِمَوْجُودٍ فِي وَقْتِ السَّلَمِ، إذَا أَمْكَنَ وُجُودُهُ فِي وَقْتِ حُلُولِ الْأَجَلِ، وقَالُوا: لَا يَضُرُّ انْقِطَاعُهُ قَبْلَ الْحُلُولِ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لَا يَصِحُّ.
وَعَقْدُ السَّلَمِ عَكْسُ بَيْعِ المُرَابَحَةِ، فَبَيْعُ المُرَابَحَةِ المَصْرِفِيَّةِ يَقُومُ عَلَى تَسْلِيمِ المَبِيعِ مُقَدَّمًا، وَتَأْجِيلِ الثَّمَنِ فِي مُقَابِلِ زِيَادَةٍ فِي الثَّمَنِ نَظِيرَ التَّأْجِيلِ، بَيْنَمَا عَقْدُ السَّلَمِ يَقُومُ عَلَى تَسْلِيمِ الثَّمَنِ مُقَدَّمًا، وَتَأْجِيلِ المَبِيعِ، مُقَابِلَ زِيَادَةٍ فِي مِقْدَارِ المَبِيعِ، وَفِي صِفَتِهِ.
وَاللهُ أَعْلَمُ.