عدد الزوار 151 التاريخ Saturday, October 23, 2021 6:38 AM
فأجاب: الْإِقَامَةُ إِعْلَامٌ بِالْقِيَامِ لِأَدَاءِ الصَّلَاةِ، وَالْأَصْلُ فِيهَا إِبْلَاغُ الْحَاضِرِينَ بِالْمَسْجِدِ، وَقَدْ يَسْمَعُهَا الْمُجَاوِرُونَ أَوْ مَنْ تَبْلُغُهُمُ الْإِقَامَةُ عَبْرَ مُكَبِّرَاتِ الصَّوْتِ، وَلَا يَظْهَرُ مَانِعٌ مِنْ ذَلِكَ.
وَالْأَظْهَرُ أَنَّهَا تَكُونُ دَاخِلَ الْمَسْجِدِ، وَهُوَ رَأْيُ الْجُمْهُورِ، وَحَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ يُشْعِرُ بِتَغْيِيرِ مَكَانِ الْأَذَانِ لِأَجْلِ الْإِقَامَةِ.
وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ سَمَاعِ الْإِقَامَةِ خَارِجَ الْمَسْجِدِ، مَا جَاءَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: (إِذَا سَمِعْتُمُ الإِقَامَةَ، فَامْشُوا إِلَى الصَّلاَةِ، وَعَلَيْكُمْ بِالسَّكِينَةِ وَالوَقَارِ، وَلاَ تُسْرِعُوا، فَمَا أَدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا، وَمَا فَاتَكُمْ فَأَتِمُّوا). مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: إِنَّمَا كَانَ الْأَذَانُ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَرَّتَيْنِ مَرَّتَيْنِ، وَالْإِقَامَةُ مَرَّةً مَرَّةً، غَيْرَ أَنَّهُ يَقُولُ: "قَدْ قَامَتِ الصَّلَاةُ، قَدْ قَامَتِ الصَّلَاةُ"، فَإِذَا سَمِعْنَا الْإِقَامَةَ تَوَضَّأْنَا، ثُمَّ خَرَجْنَا إِلَى الصَّلَاةِ. خَرَّجَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ، وَابْنُ خُزَيْمَةَ، وَابْنُ حِبَّانَ فِي "صَحِيحِهِمَا"، وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ.
وَالْمُهِمُّ: أَنَّ الْأَذَانَ يُسْتَحَبُّ رَفْعُ الصَّوْتِ بِهِ، وَإِسْمَاعُ الْإِنْسَانِ وَالْجَانِّ وَالنَّبَاتِ وَالْجَمَادِ، وَالْإِقَامَةُ فِي الْأَصْلِ لِأَجْلِ أَهْلِ الْمَسْجِدِ وَالْمُجَاوِرِينَ.
وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ حَنْبَلٍ، فِي رَجُلٍ ضَعِيفِ الصَّوْتِ: لَا يَرْفَعُ صَوْتَهُ وَلَا يَخْرُجُ مِنَ الْمَسْجِدِ، فَإِذَا كَانَ يُسْمِعُ أَهْلَ الْمَسْجِدِ وَالْجِيرَانَ فَلَا بَأْسَ.
قَالَ الْقَاضِي أَبُو يَعْلَى: ظَاهِرُ هَذَا، أَنَّهُ إِذَا لَمْ يُسْمِعِ الْجِيرَانَ لَمْ يُصِبْ سُنَّةَ الْأَذَانِ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْ الْأَذَانِ الْإِعْلَامُ، فَإِذَا لَمْ يُسْمِعِ الْجِيرَانَ لَمْ يُوجَدِ الْمَقْصُودُ.
فَأَمَّا كَمَالُ السُّنَّةِ فَهُوَ: أَنْ يَرْفَعَ صَوْتَهُ نِهَايَةَ جُهْدِهِ، وَلَا يَزِيدَ عَلَى ذَلِكَ حَتَّى يَخْشَى عَلَى نَفْسِهِ ضَرَرًا.
قَالَ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ حَنْبَلٍ: يَرْفَعُ صَوْتَهُ مَا اسْتَطَاعَ.
وَقَالَ الْمَيْمُونِيُّ: رَأَيْتُ أَحْمَدَ وَهُوَ يُؤَذِّنُ، صَوْتًا بَيْنَ الصَّوْتَيْنِ، وَكَانَ إِلَى خَفْضِ الصَّوْتِ أَقْرَبَ.
قَالَ الْقَاضِي: ظَاهِرُ هَذَا، أَنَّهُ لَا يَرْفَعُ صَوْتَهُ رَفْعًا يُخْرِجُهُ عَنْ طَبْعِهِ، وَمِنَ الْأَصْحَابِ مَنْ جَعَلَ هَذِهِ رِوَايَةً ثَانِيَةً؛ بِأَنَّ التَّوَسُّطَ فِي رَفْعِ الصَّوْتِ أَفْضَلُ.