عدد الزوار 130 التاريخ Tuesday, October 19, 2021 5:52 AM
فَأَجَابَ: الْآيَاتُ وَالْأَحَادِيثُ فِي فَضْلِ الصُّحْبَةِ وَالصَّحَابَةِ، وَفَضْلِ السَّابِقِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ عَلَى غَيْرِهِمْ، وَعَلَى مَنْ بَعْدَهُمْ: كَثِيرَةٌ لَا تَجْعَلُ مَجَالًا لِلشَّكِّ وَالتَّرَدُّدِ.
فَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: ((خَيْرُ النَّاسِ قَرْنِي ...)) الْحَدِيث.
وَعَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ((خَيْرُ أُمَّتِي قَرْنِي، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ - قَالَ عِمْرَانُ: فَلَا أَدْرِي أَذكَرَ بَعْدَ قَرْنِهِ قَرْنَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً - ثُمَّ إِنَّ بَعْدَكُمْ قَوْمًا يَشْهَدُونَ وَلَا يُسْتَشْهَدُونَ، وَيَخُونُونَ وَلَا يُؤْتَمَنُونَ، وَيَنْذِرُونَ وَلَا يَفُونَ، وَيَظْهَرُ فِيهِمْ السِّمَنُ)). مُتَّفَقٌ عَلَيْهِمَا.
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (لَا تَسُبُّوا أَصْحَابِي، فَوَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ أَنْفَقَ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا، مَا أَدْرَكَ مُدَّ أَحَدِهِمْ وَلَا نَصِيفَهُ). مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي ثَعْلَبَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: (إِنَّ مِنْ وَرَائِكُمْ أَيَّامًا، الصَّبْرُ فِيهِنَّ مِثْلُ الْقَبْضِ عَلَى الْجَمْرِ، لِلْعَامِلِ فِيهِنَّ مِثْلُ أَجْرِ خَمْسِينَ رَجُلًا يَعْمَلُونَ مِثْلَ عَمَلِكُمْ)، قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ: وَزَادَنِي غَيْرُ عُتْبَةَ: قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَجْرُ خَمْسِينَ مِنَّا أَوْ مِنْهُمْ؟! قَالَ: بَلْ أَجْرُ خَمْسِينَ مِنْكُمْ). رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ.
فَفِي الْحَدِيثِ ضَعْفٌ، وَلَهُ شَوَاهِدُ كُلُّهَا ضَعِيفَةٌ.
وَعَلَى تَقْدِيرِ تَحْسِينِهِ لِشَوَاهِدِهِ، فَلِأَهْلِ الْغُرْبَةِ مُضَاعَفَةُ أَجْرِ الصَّبْرِ عَلَى الْعَمَلِ لَا عَلَى كُلِّ الْأَعْمَالِ، وَعَلَى الْعَمَلِ الْمُجَرَّدِ لَا عَلَى مَا يَقْتَرِنُ بِهِ مِنْ الْفَضْلِ وَالشَّرَفِ وَالسَّابِقَةِ وَالْإِخْلَاصِ وَالْيَقِينِ.
قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: "عَلَى أَنَّ حَدِيثَ: (لِلْعَامِلِ مِنْهُمْ أَجْرُ خَمْسِينَ مِنْكُمْ): لَا يَدُلُّ عَلَى أَفْضَلِيَّةِ غَيْرِ الصَّحَابَةِ عَلَى الصَّحَابَةِ؛ لِأَنَّ مُجَرَّدَ زِيَادَةِ الْأَجْرِ لَا يَسْتَلْزِمُ ثُبُوتَ الْأَفْضَلِيَّةِ الْمُطْلَقَةِ، وَأَيْضًا فَالْأَجْرُ إِنَّمَا يَقَعُ تَفَاضُلُهُ بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَا يُمَاثِلُهُ فِي ذَلِكَ الْعَمَلِ، فَأَمَّا مَا فَازَ بِهِ مَنْ شَاهَدَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ زِيَادَةِ فَضِيلَةِ الْمُشَاهَدَةِ: فَلَا يَعْدِلُهُ فِيهَا أَحَدٌ".