عدد الزوار 155 التاريخ Wednesday, August 25, 2021 7:45 AM
فأجاب: تَكْرَارُ زِيَارَةِ قَبْرِ النَّبِيِّ - ﷺ -: صَرَّحَ جَمَاعَةٌ مِنْ سَادَاتِ أَهْلِ العِلْمِ وَالفَضْلِ بِكَرَاهَتِهِ.
فَعَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ - وَهُوَ زَيْنُ العَابِدِينَ مِنْ أَجَلِّ التَّابِعِينَ - أَنَّهُ رَأَى رَجُلًا يَجِيءُ إِلَى فُرْجَةٍ كَانَتْ عِنْدَ قَبْرِ النَّبِيِّ - ﷺ -، فَيَدْخُلُ فِيهَا فَيَدْعُو، فَدَعَاهُ فَقَالَ: أَلَا أُحَدِّثُكَ بِحَدِيثٍ سَمِعْتُهُ مِنْ أَبِي، عَنْ جَدِّي، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - ﷺ -؟ قَالَ: (لَا تَتَّخِذُوا قَبْرِي عِيدًا، وَلَا بُيُوتَكُمْ قُبُورًا، وَصَلُّوا عَلَيَّ، فَإِنَّ صَلَاتَكُمْ تَبْلُغُنِي حَيْثُمَا كُنْتُمْ). لَا بَأْسَ بِهِ، وَلَهُ شَوَاهِدُ، أَخْرَجَهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَأَبُو يَعْلَي المَوْصِلِيُّ، وَالحَافِظُ المَقْدِسِيُّ فِي "المُخْتَارَةِ" مِنَ الأَحَادِيثِ الجِيَادِ، وَهِيَ أَعْلَى مَرْتَبَةً مِنْ مُسْتَدْرَكِ الحَاكِمِ، وَتَصْحِيحُهُ قَرِيبٌ مِنْ تَصْحِيحِ التِّرْمِذِيِّ وَابْنِ حِبَّانَ.
وَرَوَى نُوحُ بْنُ يَزِيدَ المُؤَدِّبُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ - يَعْنِي إِبْرَاهِيمَ بْنَ سَعْدٍ - قَالَ: مَا رَأَيْتُ أَبِي قَطُّ يَأْتِي قَبْرَ النَّبِيِّ - ﷺ -، وَكَانَ يَكْرَهُ إِتْيَانَهُ. وَسَعْدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ تَابِعِيٌّ جَلِيلٌ، قَالَ الإِمَامُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: "وَلِيَ قَضَاءَ المَدِينَةِ وَكَانَ فَاضِلًا". انتهى. وَقَدْ كَانَ يَصُومُ الدَّهْرَ وَيَخْتِمُ القُرْآنَ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ.
وَقَالَ الإِمَامُ مَالِكٌ: لَا بَأْسَ لِمَنْ قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ، أَوْ خَرَجَ إِلَى سَفَرٍ أَنْ يَقِفَ عَلَى قَبْرِ النَّبِيِّ - ﷺ -، فَيُصَلِّيَ عَلَيْهِ وَيَدْعُوَ لَهُ، وَلِأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ، فَقِيلَ لَهُ: فَإِنَّ نَاسًا مِنْ أَهْلِ المَدِينَةِ لَا يَقْدَمُونَ مِنْ سَفَرٍ وَلَا يُرِيدُونَهُ يَفْعَلُونَ ذَلِكَ فِي اليَوْمِ مَرَّةً، أَوْ أَكْثَرَ، وَرُبَّمَا وَقَفُوا فِي الجُمُعَةِ، أَوْ فِي الأَيَّامِ المَرَّةَ أَوِ المَرَّتَيْنِ، أَوْ أَكْثَرَ عِنْدَ القَبْرِ، فَيُسَلِّمُونَ وَيَدْعُونَ سَاعَةً، فَقَالَ: لَمْ يَبْلُغْنِي هَذَا عَنْ أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الفِقْهِ بِبَلَدِنَا، وَتَرْكُهُ وَاسِعٌ، وَلَا يَصْلُحُ آخِرُ هَذِهِ الأُمَّةِ إِلَّا مَا أَصْلَحَ أَوَّلَهَا، وَلَمْ يَبْلُغْنِي عَنْ أَوَّلِ هَذِهِ الأُمَّةِ وَصَدْرِهَا: أَنَّهُمْ كَانُوا يَفْعَلُونَ ذَلِكَ، وَيُكْرَهُ إِلَّا لِمَنْ جَاءَ مِنْ سَفَرٍ أَوْ أَرَادَهُ. وَاللهُ أَعْلَمُ.