عدد الزوار 234 التاريخ 01/01/2021
فأجاب: قَالَ البُخَارِيُّ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ هُوَ ابْنُ سَلَّامٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: جَاءَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ أَبِي حُبَيْشٍ إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّي امْرَأَةٌ أُسْتَحَاضُ فَلَا أَطْهُرُ، أَفَأَدَعُ الصَّلَاةَ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (لَا، إِنَّمَا ذَلِكَ عِرْقٌ وَلَيْسَ بِحَيْضٍ، فَإِذَا أَقْبَلَتْ حَيْضَتُكِ فَدَعِي الصَّلَاةَ، وَإِذَا أَدْبَرَتْ فَاغْسِلِي عَنْكِ الدَّمَ ثُمَّ صَلِّي). قَالَ: وَقَالَ أَبِي: "ثُمَّ تَوَضَّئِي لِكُلِّ صَلَاةٍ" حَتَّى يَجِيءَ ذَلِكَ الوَقْتُ.
فَهِشَامٌ هُوَ القَائِلُ: "قَالَ أَبِي"، وَأَبُوهُ هُوَ "عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ".
وَقَدْ أَعْرَضَ الإِمَامُ مُسْلِمٌ عَنْ هَذِهِ الزِّيَادَةِ، فَقَالَ: وَفِي حَدِيثِ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ زِيَادَةُ حَرْفٍ تَرَكْنَا ذِكْرَهُ. وَأَيَّدَهُ البَيْهَقِيُّ بِأَنَّهَا غَيْرُ مَحْفُوظَةٍ، وَتَعَقَّبَهُمَا صَاحِبُ "الإِمَامِ" بِأَنَّ زِيَادَةَ الثِّقَةِ مَقْبُولَةٌ. قَالَ ابْنُ المُلَقِّنِ: "وَلَمْ يَنْفَرِدْ حَمَّادُ بِذَلِكَ".
وَقَدْ تَوَجَّهَ نَقْدُ المُحَدِّثِينَ عَلَى قَوْلِ هِشَامٍ مِنْ جِهَتَيْنِ:
إِحْدَاهُمَا قَالُوا: إِنَّهُ مُعَلَّقٌ.
وَالأُخْرَى قَالُوا: إِنَّ قَوْلَهُ: "ثُمَّ تَوَضَّئِي لِكُلِّ صَلَاةٍ" مُدْرَجٌ مَوْقُوفٌ عَلَى عُرْوَةَ.
وَرَجَّحَ ابْنُ حَجَرٍ أَنَّهُ مُسْنَدٌ وَأَنَّهُ مَرْفُوعٌ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ المُلَقِّنِ وَغَيْرُهُ.
وَيُقَوِّي مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ ابْنُ حَجَرٍ: أَنَّ التِّرْمِذِيَّ أَخْرَجَهُ عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ مُتَّصِلًا، وَقَالَ: حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ.
وَعَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ: «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ فِي الْمُسْتَحَاضَةِ: تَدْعُ الصَّلَاةَ أَيَّامَ أَقْرَائِهَا، ثُمَّ تَغْتَسِلُ وَتَتَوَضَّأُ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ، وَتَصُومُ وَتُصَلِّي». رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَالتِّرْمِذِيُّ، بِإِسْنَادٍ ضَعِيفٍ، كَمَا أَعَلَّهُ أَصْحَابُ الصَّنْعَةِ الحَدِيثِيَّةِ، كَالبُخَارِيِّ وَأَبِي دَاوُدَ وَغَيْرِهِمْا.
وَعَنْ عَائِشَةَ بِإِسْنَادٍ ضَعِيفٍ، قَالَتْ: «جَاءَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ أَبِي حُبَيْشٍ إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَتْ: إِنِّي امْرَأَةٌ أُسْتَحَاضُ فَلَا أَطْهُرُ، أَفَأَدْعُ الصَّلَاةَ؟ فَقَالَ لَهَا: لَا، اجْتَنِبِي الصَّلَاةَ أَيَّامَ مَحِيضِكِ، ثُمَّ اغْتَسِلِي وَتَوَضَّئِي لِكُلِّ صَلَاةٍ، ثُمَّ صَلِّي وَإِنْ قَطَرَ الدَّمُ عَلَى الْحَصِيرِ». رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَابْنُ مَاجَهْ. وَضَعَّفَهُ أَبُو دَاوُدَ.
قَالَ الشَّوْكَانِيُّ: الْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ أَيْضًا التِّرْمِذِيُّ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ، وَابْنُ حِبَّانَ، وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ بِدُونِ قَوْلِهِ: «وَتَوَضَّئِي لِكُلِّ صَلَاةٍ»، وَقَالَ: وَفِي آخِرِهِ تَرَكْنَا ذِكْرَهُ، قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: هُوَ قَوْلُهُ: "وَتَوَضَّئِي" وَتَرَكَهَا؛ لِأَنَّهَا زِيَادَةٌ غَيْرُ مَحْفُوظَةٍ، وَقَدْ رَوَى هَذِهِ الزِّيَادَةَ مَنْ تَقَدَّمَ، وَكَذَا رَوَاهَا الدَّارِمِيُّ وَالطَّحَاوِيُّ، وَأَخْرَجَهَا أَيْضًا الْبُخَارِيُّ، وَقَدْ أُعِلَّ الْحَدِيثُ بِأَنَّ حَبِيبًا لَمْ يَسْمَعْ مِنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، وَإِنَّمَا سَمِعَ مِنْ عُرْوَةَ الْمُزَنِيِّ، فَإِنْ كَانَ عُرْوَةُ الْمَذْكُورُ فِي الْإِسْنَادِ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ ابْنُ مَاجَهْ وَغَيْرُهُ، فَالْإِسْنَادُ مُنْقَطِعٌ؛ لِأَنَّ حَبِيبَ بْنَ أَبِي ثَابِتٍ مُدَلِّسٌ، وَإِنْ كَانَ عُرْوَةُ هُوَ الْمُزَنِيُّ فَهُوَ مَجْهُولٌ. وَفِي الْبَابِ عَنْ جَابِرٍ، رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى بِإِسْنَادٍ ضَعِيفٍ، وَالْبَيْهَقِيُّ. وَعَنْ سَوْدَةَ بِنْتِ زَمَعَةَ، رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ. انتهى.
وَقَالَ شَيْخُ الإِسْلَامِ ابْنُ تَيْمِيَّةَ: "وَهَذِهِ الزِّيَادَةُ قَدْ رُوِيَتْ مِنْ قَوْلِ عُرْوَةَ، وَلَعَلَّهُ أَفْتَى بِهَا مَرَّةً، وَحَدَّثَ بِهَا أُخْرَى، وَلَعَلَّهَا كَانَتْ عِنْدَهُ عَنْ فَاطِمَةَ نَفْسِهَا، لَا عَنْ عَائِشَةَ، فَقَدْ رَوَى عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ أَبِي حُبَيْشٍ، أَنَّهَا كَانَتْ تُسْتَحَاضُ، فَقَالَ لَهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "إِذَا كَانَ دَمُ الحَيْضِ، فَإِنَّهُ أَسْوَدُ يُعْرَفُ، فَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَأَمْسِكِي عَنِ الصَّلَاةِ، فَإِذَا كَانَ الآخَرُ فَتَوَضَّئِي وَصَلِّي، فَإِنَّمَا هُوَ دَمُ عِرْقٍ". أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ".
وَقَدْ قَالَ بِهِ الصَّحَابَةُ وَالتَّابِعُونَ وَالأَئِمَّةُ، وَقَالَ ابْنُ حَزْمٍ: "وَمِمَّنْ قَالَ بِإِيجَابِ الوُضُوءِ لِكُلِّ صَلَاةٍ عَلَى الَّتِي يَتَمَادَى بِهَا الدَّمُ مِنْ فَرْجِهَا مُتَّصِلًا بِدَمِ المَحِيضِ: عَائِشَةُ أُمُّ المُؤْمِنِينَ، وَعَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، وَابْنُ عَبَّاسٍ، وَفُقَهَاءُ المَدِينَةِ: عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، وَسَعِيدُ بْنُ المُسَيَّبِ، وَالقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ، وَسَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الحُسَيْنِ، وَعَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ، وَالحَسَنُ البَصْرِيُّ". وَسَاقَ الأَسَانِيدَ فِي ذَلِكَ.
وَهُوَ قَوْلُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، وَأَبِي حَنِيفَةَ، وَالشَّافِعِيِّ، وَأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، وَأَبِي عُبَيْدٍ وَغَيْرِهِمْ. انتهى.
وَفِي "مَسَائِلِ عَبْدِ اللهِ": "قَالَ: سَأَلْتُ أَبِي عَنِ المُسْتَحَاضَةِ، إِذَا كَانَ لَا يَرْقَأُ دَمُهَا، كَيْفَ تُصَلِّي؟ قَالَ: تَحْتَشِي وَتُصَلِّي، وَإِنْ قَطَرَ الدَّمُ عَلَى الحَصِيرِ، وَتَتَوَضَّأُ لِكُلِّ صَلَاةٍ.
قُلْتُ لِأَبِي: إِنْ صَلَّتْ صَلَاتَيْنِ بِوُضُوءٍ وَاحِدٍ؟ قَالَ: لَا".