عدد الزوار 251 التاريخ 01/01/2021
فأجاب: مَنْ بِهِ سَلَسُ البَوْلِ يَجِبُ عَلَيْهِ طَهَارَةُ بَدَنِهِ وَثِيَابِهِ كَغَيْرِهِ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: (وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ)، وَلِمَا رَوَى مُسْلِمٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: (لَا تُقْبَلُ صَلَاةٌ بِغَيْرِ طُهُورٍ).
لَكِنَّ صَاحِبَ السَّلَسِ وَالمُسْتَحَاضَةَ وَمَنْ بِهِ جُرُوحٌ وَنَحْوَهُمْ مِمَّنِ النَّجَاسَةُ مَعَهُ مُسْتَمِرَّةٌ: يُعْفَى عَنْهُمْ فِي وَقْتِ الصَّلَاةِ الَّتِي تَوَضَّؤُوا لَهَا، حَتَّى يَخْرُجَ ذَلِكَ الوَقْتُ، ثُمَّ يَتَطَهَّرُوا بِإِزَالَةِ النَّجَاسَةِ عَنِ البَدَنِ وَالثِّيَابِ؛ لِحَدِيثِ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: جَاءَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ أَبِي حُبَيْشٍ إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّي امْرَأَةٌ أُسْتَحَاضُ فَلَا أَطْهُرُ، أَفَأَدَعُ الصَّلَاةَ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (لَا، إِنَّمَا ذَلِكَ عِرْقٌ وَلَيْسَ بِحَيْضٍ، فَإِذَا أَقْبَلَتْ حَيْضَتُكِ فَدَعِي الصَّلَاةَ، وَإِذَا أَدْبَرَتْ فَاغْسِلِي عَنْكِ الدَّمَ ثُمَّ صَلِّي). قَالَ: وَقَالَ أَبِي: "ثُمَّ تَوَضَّئِي لِكُلِّ صَلَاةٍ" حَتَّى يَجِيءَ ذَلِكَ الوَقْتُ. رَوَاهُ البُخَارِيُّ.
وَالمَشَقَّةُ تَجْلِبُ التَّيْسِيرَ، قَالَ تَعَالَى: (يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ)، وَقَالَ تَعَالَى: (وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ)، وَقَالَ تَعَالَى: (لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا - إِلَى قَوْلِهِ - رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ ۖ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا)، وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: "قَالَ: نَعَمْ". وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: "قَالَ: قَدْ فَعَلْتُ". رَوَاهُمَا مُسْلِمٌ.
وَعَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: «جَاءَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ أَبِي حُبَيْشٍ إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَتْ: إنِّي امْرَأَةٌ أُسْتَحَاضُ فَلَا أَطْهُرُ، أَفَأَدْعُ الصَّلَاةَ؟ فَقَالَ لَهَا: لَا، اجْتَنِبِي الصَّلَاةَ أَيَّامَ مَحِيضِكِ، ثُمَّ اغْتَسِلِي وَتَوَضَّئِي لِكُلِّ صَلَاةٍ، ثُمَّ صَلِّي وَإِنْ قَطَرَ الدَّمُ عَلَى الْحَصِيرِ». رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَابْنُ مَاجَهْ.
قَالَ الشَّوْكَانِيُّ: وَقَدْ أُعِلَّ الْحَدِيثُ بِأَنَّ حَبِيبًا لَمْ يَسْمَعْ مِنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، وَإِنَّمَا سَمِعَ مِنْ عُرْوَةَ الْمُزَنِيِّ، فَإِنْ كَانَ عُرْوَةُ الْمَذْكُورُ فِي الْإِسْنَادِ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ، كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ ابْنُ مَاجَهْ وَغَيْرُهُ، فَالْإِسْنَادُ مُنْقَطِعٌ؛ لِأَنَّ حَبِيبَ بْنَ أَبِي ثَابِتٍ مُدَلِّسٌ، وَإِنْ كَانَ عُرْوَةُ هُوَ الْمُزَنِيُّ فَهُوَ مَجْهُولٌ.
وَاللهُ أَعْلَمُ.