عدد الزوار 167 التاريخ 01/01/2021
فأجاب: الإِيمَانُ قَوْلٌ وَعَمَلٌ وَاعْتِقَادٌ بِإِجْمَاعِ العُلَمَاءِ، وَحَكَاهُ غَيْرُ وَاحِدٍ عَنْ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالجَمَاعَةِ، فَمَنْ أَخْرَجَ الأَعْمَالَ مِنَ الإِيمَانِ، وَقَالَ: الإِيمَانُ المَعْرِفَةُ مَعَ القَوْلِ، أَوِ الإِيمَانُ المَعْرِفَةُ خَاصَّةً، أَوِ الإِيمَانُ القَوْلُ خَاصَّةً؛ فَقَوْلُهُ مَرْدُودٌ عَلَيْهِ.
وَالإِيمَانُ يَزِيدُ بِالطَّاعَةِ، وَيَنْقُصُ بِالمَعْصِيَةِ، قَالَ تَعَالَى: {وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَانًا}. [المدثر: 31] وَالآيَاتُ فِي هَذَا كَثِيرَةٌ.
وَالقَوْلُ بِزِيَادَةِ الإِيمَانِ وَنُقْصَانِهِ قَوْلُ عَامَّةِ العُلَمَاءِ، وَلَمْ يُخَالِفْ فِيهِ إِلَّا القَلِيلُ.
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ طَائِفَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ الكَلَامُ بِزِيَادَةِ الإِيمَانِ وَنُقْصَانِهِ، كَأَبِي الدَّرْدَاءِ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَعَلِيٍّ، وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَغَيْرِهِمْ، وَعَنِ التَّابِعِينَ كَمُجَاهِدٍ، وَغَيْرِهِ.
وَقَالَ ابْنُ المُبَارَكِ: الإِيمَانُ يَتَفَاضَلُ.
وَلَمَّا كَانَ الإِيمَانُ شَامِلًا لِتَصْدِيقِ القَلْبِ وَمَعْرِفَتِهِ، وَلِقَوْلِ اللِّسَانِ وَعَمَلِ الجَوَارِحِ، كَانَتْ زِيَادَتُهُ بِزِيَادَةِ عُبُودِيَّةِ القَلْبِ، مِنْ تَصْدِيقِ المُرْسَلِينَ، وَمَعْرِفَةِ رَبِّ العَالَمِينَ.
وَالنَّاسُ يَتَفَاوَتُونَ فِي التَّصْدِيقِ وَالمَعْرِفَةِ قُوَّةً وَضَعْفًا، وَتَمَامًا وَنُقْصَانًا، كَمَا يَتَفَاوَتُونَ فِي كَثْرَةِ عُبُودِيَّةِ اللِّسَانِ القَوْلِيَّةِ، وَعُبُودِيَّةِ الجَوَارِحِ العَمَلِيَّةِ، وَفِي الإِحْسَانِ فِي تِلْكَ العُبُودِيَّةِ.
وَنُقْصَانُ الإِيمَانِ يَكُونُ بِعَجْزِ المُسْلِمِ عَنْ إِدْرَاكِ كَمَالِهِ المُسْتَحَبِّ، بِتَقْصِيرِهِ فِي التَّقَرُّبِ إِلَى اللهِ بِالنَّوَافِلِ القَلْبِيَّةِ وَالقَوْلِيَّةِ وَالعَمَلِيَّةِ، وَهَذَا نَقْصٌ نِسْبِيٌّ، أَوْ عَنْ إِدْرَاكِ كَمَالِهِ الوَاجِبِ، بِتَقْصِيرِ قَلْبِهِ أَوْ لِسَانِهِ أَوْ جَوَارِحِهِ، فِيمَا أَمَرَهُ اللهُ بِهِ، أَوْ نَهَاهُ عَنْهُ، مِنْ تَرْكِ وَاجِبٍ، أَوْ فِعْلِ مُحَرَّمٍ، وَهَذَا نَقْصٌ حَقِيقِيٌّ. وَاللهُ أَعْلَمُ.