عدد الزوار 447 التاريخ 01/01/2021
فأجاب: رَوَى الجَمَاعَةُ إِلَّا البُخَارِيَّ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ - رَضِيَ اللهُ عَنْهَا - أَنَّ النَّبِيَّ - ﷺ - قَالَ: (إِذَا رَأَيْتُمْ هِلَالَ ذِي الْحِجَّةِ، وَأَرَاَدَ أَحَدُكُمْ أَنْ يُضَحِّيَ، فَلْيُمْسِكْ عَنْ شَعْرِهِ وَأَظْفَارِهِ حَتَّى يُضَحِّيَ). وَفِي رِوَايَةٍ: (فَلَا يَمَسَّ مِنْ شَعَرِهِ وَبَشَرِهِ شَيْئًا).
قَالَ النَّوَوِيُّ: اخْتَلَفَ العُلَمَاءُ فِيمَنْ دَخَلَتْ عَلَيْهِ عَشْرُ ذِي الحِجَّةِ، وَأَرَادَ أَنْ يُضَحِّيَ، فَقَالَ سَعِيدُ بْنُ المُسَيِّبِ وَرَبِيعَةُ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَدَاوُدُ وَبَعْضُ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ: يَحْرُمُ عَلَيْهِ أَخْذُ شَيْءٍ مِنْ شَعْرِهِ وَأَظْفَارِهِ حَتَّى يُضَحِّيَ فِي وَقْتِ الأُضْحِيَةِ.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُ: هُوَ مَكْرُوهٌ كَرَاهَةَ تَنْزِيهٍ، وَلَيْسَ بِحَرَامٍ.
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لَا يُكْرَهُ.
وَقَالَ مَالِكٌ فِي رِوَايَةٍ: لَا يُكْرَهُ، وَفِي رِوَايَةٍ: يُكْرَهُ، وَفِي رِوَايَةٍ: يَحْرُمُ فِي التَّطَوُّعِ، دُونَ الوَاجِبِ.
وَاحْتَجَّ مَنْ حَرَّمَ بِهَذِهِ الأَحَادِيثِ.
وَاحْتَجَّ الشّافِعِيُّ وَالآخَرُونَ بِحَدِيثِ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللهُ عَنْهَا - كُنْتُ أَفْتِلُ قَلَائِدَ هَدْيِ رَسُولِ اللهِ - ﷺ -، ثُمَّ يُقَلِّدُهُ، وَيَبْعَثُ بِهِ، وَلَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ شَيْءٌ أَحَلَّهُ اللهُ، حَتَّى يَنْحَرَ هَدْيَهُ. رَوَاهُ البُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ. انتهى.
وَالقَوْلُ الأَوَّلُ أَرْجَحُ، وَاللهُ أَعْلَمُ.
وَجَمَعَ الطَّحَاوِيُّ بَيْنَ حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ وَحَدِيثِ عَائِشَةَ؛ بِحَمْلِ حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ عَلَى مَنْعِ مَنْ أَرَادَ أَنْ يُضَحِّيَ عَنْ حَلْقِ شَعْرِهِ وَقَصِّ أَظْفَارِهِ فِي أَيَّامِ العَشْرِ حَتَّى يُضَحِّيَ، وَحَدِيثِ عَائِشَةَ عَلَى الإِطْلَاقِ بِأَنْ يَحِلَّ لَهُ مَا يُمْنَعُ مِنْهُ المُحْرِمُ مِنَ المَحْظُورَاتِ سِوَى قَصِّ الأَظْفَارِ وَحَلْقِ الشَّعْرِ فِي تِلْكَ الأَيَّامِ. وَذَكَرَ أَنَّ المَنْعَ مِنْ قَصِّ الأَظْفَارِ وَمِنْ حَلْقِ الشَّعْرِ مَرْوِيٌّ عَنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ - ﷺ -.
قَالَ سَعِيدُ بْنُ المُسَيِّبِ: كَانَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللهِ - ﷺ - يَفْعَلُونَ ذَلِكَ، أَوْ يَقُولُونَ ذَلِكَ. انتهى.
وَالنَّهْيُ خَاصٌّ بِالمُضَحِّي وَحْدَهُ، لَا بِأَهْلِهِ، وَلَا وَكِيلِهِ، وَيَجُوزُ غَسْلُ الشَّعْرِ، وَتَسْرِيحُهُ بِرِفْقٍ، وَإِزَالَةُ الظُّفْرِ المُنْكَسِرِ، وَمَنْ طَرَأَ عَلَيْهِ أَنْ يُضَحِّيَ بَعْدَ أَنْ أَخَذَ مِنْ شَعْرِهِ أَوْ أَظْفَارِهِ فِي العَشْرِ، فَلَا يَضُرُّهُ ذَلِكَ.
وَاللهُ أَعْلَمُ.