عدد الزوار 400 التاريخ 01/01/2021
فأجاب: يَجِبُ تَسْوِيَةُ الصُّفُوفِ وَإِقَامَتُهَا، وَعَلَى المُصَلِّي أَنْ يُحَاذِيَ بِأَعْلَى بَدَنِهِ وَأَسْفَلِهِ، مَنْ عَنْ يَمِينِهِ وَشِمَالِهِ؛ لِمَا رَوَاهُ البُخَارِيُّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - عَنِ النَّبِيِّ - ﷺ -، قَالَ: "أَقِيمُوا صُفُوفَكُمْ، فَإِنِّي أَرَاكُمْ مِنْ وَرَاءِ ظَهْرِي، وَكَـانَ أَحَدُنَا يُلْزِقُ مَنْكِبَهُ بِمَنْكِبِ صَاحِبِهِ، وَقَدَمَهُ بِقَدَمِهِ".
وَعَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا -، قَالَ: (خَرَجَ رَسُولُ اللهِ - ﷺ - يَوْمًا، فَقَامَ حَتَّى كَادَ يُكَبِّرُ، فَرَأَى رَجُلًا بَادِيًا صَدْرُهُ مِنَ الصَّفِّ، فَقَالَ: عِبَادَ اللهِ، لَتُسَوُّنَ صُفُوفَكُمْ، أَوْ لَيُخَالِفَنَّ اللهُ بَيْنَ وُجُوهِكُمْ). متفق عليه.
وَعَنْ أَبِي مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ -، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ - ﷺ - يَمْسَحُ مَنَاكِبَنَا فِي الصَّلَاةِ). رواه مسلم.
وَثَبَتَ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ - ﷺ -، قَالَ: (حَاذُوا بَيْنَ المَنَاكِبِ). رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ.
وَعَنِ البَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ -، قَالَ: (كَانَ رَسُولُ اللهِ - ﷺ - يَتَخَلَّلُ الصَّفَّ مِنْ نَاحِيَتِهِ إِلَى نَاحِيَتِهِ، يَمْسَحُ مَنَاكِبَنَا وَصُدُورَنَا). رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ، وَابْنُ خُزَيْمَةَ، وَابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ، وَلَفْظُهُ: كَانَ رَسُولُ اللهِ - ﷺ - يَمْسَحُ عَوَاتِقَنَا وَصُدُورَنَا.
وَفِي رِوَايَةٍ لِابْنِ خُزَيْمَةَ: (لَا تَخْتَلِفْ صُدُورُكُمْ فَتَخْتَلِفَ قُلُوبُكُمْ).
وَقَالَ رَسُولُ اللهِ - ﷺ -: "حَاذُوا بِالأَعْنَاقِ". رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ، وَابْنُ خُزَيْمَةَ، وَابْنُ حِبَّانَ، فِي صَحِيحَيْهِمَا.
وَثَبَتَ عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ، قَالَ: "أَقْبَلَ رَسُولُ اللهِ - ﷺ - عَلَى النَّاسِ بِوَجْهِهِ، فَقَالَ: أَقِيمُوا صُفُوفَكُمْ، ثَلَاثًا ... الحديث. قَالَ: فَرَأَيْتُ الرَّجُلَ يُلْزِقُ مَنْكِبَهُ بِمَنْكِبِ صَاحِبِهِ، وَرُكْبَتَهُ بِرُكْبَةِ صَاحِبِهِ، وَكَعْبَهُ بِكَعْبِهِ". رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ.
قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: (المُرَادُ بِذَلِكَ: المُبَالَغَةُ فِي تَسْوِيَةِ الصُّفُوفِ وَتَقَارُبِهَا، لَا حَقِيقَةَ الالْتِصَاقِ).
وَدَلَّتِ الأَحَادِيثُ عَلَى أَنَّ العِبْرَةَ بِالكَعْبَيْنِ لَا أَطْرَافَ القَدَمَيْنِ، وَأَنَّ المُصَلِّي لَا يَتَقَدَّمُ وَلَا يَتَأَخَّرُ وَلَا يَرْتَفِعُ عَلَى مَنْ بِجَانِبِهِ دُونَ عُذْرٍ شَرْعِيٍّ.
إِذَا تَقَرَّرَ هَذَا فَالذِي نُوصِي بِهِ مَنْ يُصَلِّي قَاعِدًا عَلَى كُرْسِيٍّ مَا يَلِي:
- إِذَا كَانَ يَقِفُ حَالَ القِيَامِ، وَيَقْعُدُ فِي غَيْرِهِ، فَعَلَيْهِ أَنْ يَتَحَرَّى طَرَفَيِ الصَّفِّ، أَوْ مَكَانًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الصَّفِّ الذِي خَلْفَهُ مَسَافَةٌ يَسْتَطِيعُ بِهَا إِرْجَاعَ الكُرْسِيِّ؛ لِيَكُونَ كَعْبَاهُ مُحَاذِيَيْنِ لِكَعْبَي مَنْ بِجَانِبِهِ، دُونَ أَنْ يُضَايِقَ أَحَدًا.
- إِذَا لَمْ يَتَيَسَّرْ ذَلِكَ، أَوْ كَانَ يُصَلِّي جَمِيعَ الصَّلَاةِ جَالِسًا، فَإِنَّهُ يُقَدِّمُ رِجْلَيِ الكُرْسِيِّ الأَمَامِيَّتَيْنِ؛ لِيُحَاذِي فِي حَالِ جُلُوسِهِ بِمَنْكِبِهِ مَنْكِبَ مَنْ يَلِيهِ، وَفِي حَالِ قِيَامِهِ يُعْذَرُ بِتَقَدُّمِهِ؛ لِئَلَّا يُؤْذِيَ مَنْ خَلْفَهُ، عِلْمًا بِأَنَّ الجُمْهُورَ حُكِيَ عَنْهُمْ أَنَّ تَسْوِيَةَ الصَّفِّ مُسْتَحَبَّةٌ، وَهُوَ قَوْلٌ مَرْجُوحٌ.
وَأُنَبِّهُ إِلَى أَنَّ الكُرْسِيَّ:
- لَا يُؤَثِّرُ عَلَى اتِّصَالِ الصَّفِّ.
- وَلَا بَأْسَ بِأَنْ يُوضَعَ فِي الصَّفِّ الأَوَّلِ، وَخَلْفَ الإِمَامِ.
- لَكِنَّ وَضْعَهُ فِي مُؤَخِّرَةِ المَسْجِدِ، بِحَيْثُ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ وُجُودُ مَسَافَةٍ طَوِيلَةٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الصَّفِّ الذِي أَمَامَهُ، مُخَالِفٌ لِمَا ثَبَتَ فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ، عَنْ أَنَسٍ مَرْفُوعًا: (رُصُّوا صُفُوفَكُمْ، وَقَارِبُوا بَيْنَهَا، وَحَاذُوا بِالأَعْنَاقِ). قَالَ النَّوَوِيُّ: إِسْنَادُهُ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ.
وَاللهُ أَعْلَمُ.