حكم مقاطعة الإخوة لأختهم بسبب المشاكل الأسرية وما هي النصيحة ؟
عدد الزوار
579
التاريخ
01/01/2021
السؤال :
الفتوى رقم(7126)
هناك آيات كثيرة في القرآن الكريم، وكذلك في الأحاديث النبوية الشريفة ما يحث على صلة الرحم، لي أخت شقيقة تواجه مقاطعة تامة من بعض إخوتها، منهم كاتب الرسالة، وذلك لأسباب، منها: أنها متزوجة رجلا الله أعلم به مني، قد يكون شخصا كويسا، وقد يكون غير ذلك، المهم من البداية جميع إخوتها غير راضين عن هذا الشخص وعن الزواج بالمرة، غير أن الأم موافقة، فجعلت الزواج يتم رغما عن الأنوف التي ترفض، وهذا جعل العداوة والبغضاء تنشأ بين الأشقاء وبين الزوج الغير مرغوب فيه. وأنا لي أخ لا أزكيه على الله ذو خلق ودين ومتمسك بدينه، وهو إنسان ناجح في دينه ودنياه. حدث مرة أن قام أخي هذا بطرد الزوج من منزلنا؛ لأن زيارته كانت شبه يومية، وتمتد سهرته إلى ما بعد منتصف الليل، وهو بالطبع ضيف غير مرغوب فيه، فقام الزوج بالذهاب إلى قسم الشرطة بصحبة أختي وهي في غاية التبرج، وتم استدعاء أخي، واتهموه بأنه طردهم من المنزل، كما اتهمه الزوج بصفة خاصة بتهم أخرى، افتراء وكذبا، وتم إنهاء الموضوع على أن الزوج رفض أن يدخل المنزل مرة أخرى، ولم تأت أختي المنزل لشهور طويلة؛ خجلا من تلك الفعلة التي فعلوها، وبعد شهر من حدوث هذه الواقعة المؤسفة تم اعتقال أخي لمدة 8 شهور. الله أعلم لماذا ؟ المهم مضى على هذا الموضوع حوالي سنتين، وخرج أخي من السجن، ويسر الله له السفر للخارج، وتأتي أختي، إلى منزلنا لزيارة والدتي ولا أعطيها اهتماما ولا أستطيع أن أنظر في وجهها، اشمئزازا وتقززا بسبب مواقفها المخجلة التي بدأت مع بداية خطبتها وحتى اليوم ... وأنا أحيانا أفكر في صلة الرحم، ولكن أتراجع وأتذكر قول الله، وهو ما معناه: أن لا نود الذين يحادون الله ورسوله.
فهل تعتبر أختي بموقفها هذا من الذين يحادون الله ورسوله ؟ كما أن أخي أرسل لي خطابا يذكرني بأن لا يجب أن أود أختي؛ لأن زواجها يعتبر (زنا) ، قد يكون قوله هذا أن الزواج تم بعدم رضى أشقائها ؟ حيث إن كتابة العقد تمت بعد وفاة الأب. كما حدث أن قام الزوج قبل دخوله بها بطلاقها، ثم ردها قبل مضي شهر تقريبا، وذلك في حضور المأذون وشاهد واحد فقط وحضور الأم، فهل هذا يجوز ؟ وإذا كنت أفكر في صلة رحمي- فإنني وأسأل الله الصدق أن يجعل عملي كله خالصا لوجهه الكريم فإن أختي متبرجة- فهل يجوز أن أرضي الله فيها وهي تغضب الله بفعلها ؟
آسف إذا كنت لا أستطيع عرض الموضوع بصورة جيدة، ولكن أرجو المعذرة، فنحن نعيش في تمزق وضياع وتشتت أسري رهيب، ليس بسبب أختي أو بسببي أو بسبب أخي ولكني أعتقد والله أعلم أن هذا سبب الأم والأب، حسبنا الله ونعم الوكيل، فأنا زعلان جدا جدا جدا من أمي، لأنها تتصرف تصرفات تخلق المشاكل، فهي الأصل والأساس في هذا الزواج، وقد اضطرت إلى معاداة أعز أولادها وأعز جيرانها وأعز أحبائها من أجل هذا الزوج، ويا ليتها اكتسبته، بل أنه تسبب في دخول ابنها السجن.
سيدي الشيخ الفاضل: أنا آسف إذا أطلت عليك، ولكن أسأل عن شيء واحد، وهو: هل تجوز صلة الرحم وأختي في مثل هذه الملابسات والظروف ؟
الإجابة :
يجب عليكم أن تصلحوا ذات بينكم، مع الاجتهاد في بذل النصح لأمكم وأختكم وزوجها، والتواصي بالحق والصبر، إرضاء الله وأداء لحق الرحم، قال الله تعالى: ﴿فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾[الأنفال: 1] وقال: ﴿لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا﴾[النساء: 114] وقال: ﴿وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ﴾[العصر: 1-3] وقال: ﴿وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى﴾[النساء: 36] الآية وقال: ﴿وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا﴾[الإسراء: 23] الآيات، إلى قوله تعالى: ﴿فَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ﴾[الروم: 38] ولغيرها من الآيات، ولما ثبت من قول النبي - صلى الله عليه وسلم - : «الدين النصيحة. قلنا: لمن يا رسول الله ؟ قال: لله ولكتابه ورسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم» .
وإياكم والقطيعة، فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - الله عليه وسلم حذر من ذلك فقال: «إن الرحم شجنة من الرحمن، فقال الله: من وصلك وصلته، ومن قطعك قطعته» رواه البخاري، وقال - صلى الله عليه وسلم - : «الرحم معلقة بالعرش تقول: من وصلني وصله الله ومن قطعني قطعه الله» رواه مسلم. فإن استجابوا فالحمد الله على الهداية وجمع الشمل، وإن أبوا إلا اللجاج في غيهم فصاحبوهم في الدنيا بالمعروف مع الاستمرار في النصيحة؛ لما تقدم من الآيات والأحاديث.
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
المصدر :
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء(25/311- 315)
عبد الله بن قعود ... عضو
عبد الله بن غديان ... عضو
عبد الرزاق عفيفي ... نائب الرئيس
عبد العزيز بن عبد الله بن باز ... الرئيس