حكم الزواج بنية الطلاق
عدد الزوار
90
التاريخ
01/01/2021
السؤال :
فضيلة الشيخ! سمعنا فتوى تنسب للشيخ عبد العزيز بن باز حفظه الله، وقيل: إن فضيلتكم قد أفتيتم بذلك أيضاً، وهي أنه يجوز للإنسان أن يتزوج بنية الطلاق، فما صحة هذه الفتوى ؟
الإجابة :
نعم. ذكر الشيخ عبد العزيز وكذلك اللجنة الدائمة للإفتاء أنه يجوز للغريب أن يتزوج بنية الطلاق دفعاً لما يخشى منه من الوقوع في الفاحشة، وفرقوا بينه وبين نكاح المتعة بأن نكاح المتعة مؤجل لأجل مسمى؛ إذا انتهى الأجل انفسخ النكاح، وهو محرم -أعني: نكاح المتعة- وهذه المسألة -أعني تزوج الغريب بنية الطلاق- فيها خلاف بين العلماء، فمنهم من قال: إنه لا بأس أن يتزوج الغريب بنية الطلاق، أي: أنه زوجٌ لهذه المرأة ما دام في هذا البلد وبنيته أنه متى سافر طلقها.
وقال بعض العلماء: إنه لا يجوز؛ وهذا هو المشهور من مذهب الإمام أحمد بن حنبل - رحمه الله - ، والمعروف في كتب أصحابه المتأخرين أنه لا يجوز للغريب أن يتزوج بنية الطلاق، قالوا: لأن هذه نية متعة؛ لأنك لو سألت هذا الغريب لِمَ تزوجت ؟ أتريد أن تكون زوجتك سكناً لك ؟ أتريد أن يولد لك منها أولاد ؟ لقال: لا أريد هذا ولا هذا، أريد أن أستمتع بها ما دمت في هذا البلد، وأن أحمي نفسي مما أخشاه من الوقوع في الفاحشة، فنقول: إذاً لم تقصد بهذا النكاح المقصود الشرعي من النكاح؛ لأن المقصود الشرعي في النكاح أن تكون المرأة سكناً للزوج، كما قال الله تعالى: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا﴾[الروم:21] ثم إن النبي- صلى الله عليه وسلم - قال: «إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى».
ثم إن هذا القول يستغله ضعفاء الإيمان لأغراضٍ سيئة، كما سمعنا أن بعض الناس صاروا يذهبون في العطلة -أي: في الإجازة من الدروس- إلى بلاد أخرى ليتزوجوا فقط بنية الطلاق، وحُكي لي أن بعضهم يتزوج عدة زواجات في هذه الإجازة فقط، فكأنهم ذهبوا ليقضوا وطرهم الذي يشبه أن يكون زنا والعياذ بالله.
ومن أجل هذا نرى أنه حتى لو قيل بالجواز فإنه لا ينبغي أن يفتح الباب؛ لأنه صار ذريعة لما ذكرت.
أما رأيي في ذلك فإني أقول: عقد النكاح من حيث هو عقد صحيح؛ لأن كل إنسان يتزوج وفي نيته إن رغب بقي مع المرأة وإن لم يرغب تركها، لكن فيه غش وخداع، فهو يحرم من هذه الناحية، والغش والخداع هو أن الزوجة ووليها لو علما بنية هذا الزوج وأن من نيته أن يستمتع بها مدةً ثم يطلقها ما زوجوه، فيكون في هذا غش وخداع لهم، فإن بين لهم أنه يريد أن تبقى معه مدة بقائه في هذا البلد واتفقوا على ذلك صار نكاح متعة، لذلك أرى أنه حرام، لكن لو أن أحداً تجرأ ففعل فإن النكاح صحيح.
المصدر :
الشيخ ابن عثيمين من لقاءات الباب المفتوح، لقاء رقم(60)