هل يعقد لها والدها النكاح إذا كان لا يصلي؟
عدد الزوار
188
التاريخ
01/01/2021
السؤال :
يقول: أنا تقدمت إلى فتاة مسلمة ومحجبة وتصوم وتصلي، لكن أبوها لا يصوم ولا يصلي، ويشرب الخمر، هل يصلح أن يعقد لها؟
الإجابة :
الصواب أنه لا يعقد لها؛ لأن ترك الصلاة كفرٌ أكبر، ولكن يعقد لها من دونه، وهو أخوها إن وجد لها أخ، أو عمها إن وجد لها عم، فإن لم يوجد وليٌ لها سوى أبيها الذي لا يصلي، فإن العقد يكون للحاكم الشرعي، أما أبوها الذي لا يصلي فلا يصلح أن يكون وليًا لها في أصح قولي العلماء؛ لأن ترك الصلاة كفرٌ أكبر؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم- : «بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة» رواه مسلم في صحيحه، ولقوله - صلى الله عليه وسلم- : «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر» أخرجه الإمام أحمد وأهل السنن بإسناد صحيح عن بريدة -رضي الله عنه- في أدلة أخرى تدل على كفر تارك الصلاة. نسأل الله أن يصلح حال المسلمين، وأن يهدي من ضل عن الحق إلى الرجوع إليه، فالصلاة أمرها عظيم وهي عمود الإسلام، من حفظها حفظ دينه، ومن ضيعها فهو لما سواها أضيع، فنصيحتي لكل مسلم ولكل مسلمة الحذر من التهاون بالصلاة، والحرص الكامل على المحافظة عليها في أوقاتها، فإنها عمود الإسلام، وركنه الأعظم بعد الشهادتين؛ كما قال النبي الكريم -عليه الصلاة والسلام- : «رأس الأمر الإسلام وعموده الصلاة» وقال -عليه الصلاة والسلام- : «من حافظ عليها كانت له نورًا وبرهانًا ونجاةً يوم القيامة، ومن لم يحافظ عليها لم يكن له نور ولا برهان ولا نجاة، وكان يوم القيامة مع فرعون وهامان وقارون وأُبي بن خلف» وهذا وعيد عظيم وخطرٌ كبير، وهذا الحديث صحيح رواه الإمام أحمد بإسناد جيد عن عبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله تعالى عنهما- ، قال بعض أهل العلم: إنما يحشر من ضيع الصلاة مع فرعون وهامان وقارون وأبي بن خلف؛ لأنه: إن ضيعها من أجل الرياسة شابه فرعون فيحشر معه إلى النار يوم القيامة، وإن ضيعها من أجل الوزارة والوظيفة شابه هامان وزير فرعون، فيحشر معه إلى النار يوم القيامة، وإن ضيعها بأسباب المال والشهوات شابه قارون الذي خسف الله به وبداره الأرض؛ بسبب كبره وبغيه وعناده، وعدم استجابته لدعوة موسى -عليه الصلاة والسلام- ، أما إن تركها من أجل التجارة والبيع والشراء فإنه يشابه بذلك أُبي بن خلف تاجر أهل مكة، فيحشر معه إلى النار يوم القيامة، فأُبي بن خلف هذا قتل كافرًا يوم أحد قتله النبي -عليه الصلاة والسلام-. فالواجب على كل مسلم وعلى كل مسلمة الحذر من التشبه بأعداء الله في ترك الصلاة، والواجب المحافظة عليها في أوقاتها، الرجل يصليها في الجماعة مع المسلمين، والمرأة تصليها في البيت في وقتها، فهي عمود الإسلام، وفي الحديث يقول - صلى الله عليه وسلم- : «لا حظ في الإسلام لمن ترك الصلاة» وهكذا قال عمر -رضي الله عنه- : «لا حظ في الإسلام لمن ترك الصلاة» وكان عمر -رضي الله عنه- يكتب إلى عماله، ويقول: «إن أهمَّ أمركم عندي الصلاة، فمن حفظها حفظ دينه، ومن ضيعها فهو لما سواها أضيع» وبعض الناس يترك صلاة الفجر أو يؤخرها إلى ما بعد طلوع الشمس وهذا منكر عظيم، وشرٌ كبير، وربما ضيع صلاة العصر إذا جاء من عمله، وهذا أيضًا شرٌ عظيم، قد ذهب جمعٌ من أهل العلم إلى أنه يكفر بذلك، نسأل الله العافية، إذا تعمد تركها حتى خرج وقتها، فيجب الحذر من هذا العمل السيئ المنكر، بل العمل الكفري، نسأل الله العافية، ويجب على كل مسلم ومسلمة المحافظة على الصلوات الخمس في أوقاتها ولا يجوز لأي إنسان أن يؤخر الصلاة عن وقتها لا الفجر ولا غيرها، الواجب أن تصلى في الوقت، والواجب على الزوج والزوجة أن يتعاونا في ذلك، فهي تعينه ويعينها على أداء الصلاة في الوقت، وهكذا الآباء والأمهات عليهم أن يعينوا أولادهم وأن يشددوا عليهم في ذلك حتى يحصل التعاون على البر والتقوى؛ لأن الله يقول سبحانه: ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى﴾[المائدة: 2] ويقول -عز وجل- في كتابه العظيم: ﴿وَالْعَصْرِ * إِنَّ الإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ﴾[العصر: 1] فالواجب التواصي بالحق، وأعظم الحق الصلاة، بعد التوحيد والإيمان بالرسول - صلى الله عليه وسلم- ، هي أعظم فريضة وأهم فريضة بعد الشهادتين، فالواجب على أهل البيت أن يتعاونوا في ذلك، وعلى أهل الحي أن يتعاونوا في ذلك، وعلى جميع المسلمين أن يتعاونوا في ذلك بالنصيحة والتوجيه والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، وعلى ولاة الأمور أن يقيموا الحد فيمن يستحق القتل والتعزير فيمن يستحق التعزير؛ لأن من تركها ودعي إليها ولم يتب وجب قتله، ومن عرف بالتساهل فيها يعزر من جهة ولاة الأمور حتى يستقيم، فالتساهل في هذا الأمر وسيلة إلى شرٍ عظيم، والحزم فيه والتعاون فيه على البر والتقوى من أهم المهمات، لا في حق الدولة، ولا في حق القرابات، ولا في حق المسلمين عمومًا، كل يجب عليه أن يقوم بنصيبه من هذا الواجب العظيم، نسأل الله للجميع الهداية والتوفيق.
المصدر :
الشيخ ابن باز من فتاوى نور على الدرب(20/213-118)