حكم أخذ المضحي من شعره وأظفاره في العشر من ذي الحجة وهل للحاج أن يأخذ من شعره بعد التحلل ؟
عدد الزوار
108
التاريخ
01/01/2021
السؤال :
سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله - : عن قوله - صلى الله عليه وسلم - : «إذا دخلت العشر، وأراد أحدكم أن يضحي فليمسك عن شعره أظفاره - صلى الله عليه وسلم - » هل هو صحيح ؟ وهل النهي للتحريم ؟ والحكمة منه ؟ وهل يعم التحريم جميع أهل البيت ؟ وهل يستوي في ذلك المقيم والحاج ؟
الإجابة :
هذا الحديث صحيح رواه مسلم من حديث أم سلمة - رضي الله عنها - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا دخلت العشر، وأراد أحدكم أن يضحي فليمسك عن شعره وأظفاره»، وفي لفظ: «لا يأخذن من شعره وأظفاره شيئًا حتى يضحي»، وفي لفظ: «فلا يمس من شعره ولا بشره شيئا»، والبشر الجلد يعني: أنه لا ينتف شيئًا من جلده، كما يفعله بعض الناس ينتف من عرقوبه ونحوه، فهذه الثلاثة هي محل النهي: الشعر، والظفر، والبشرة، والأصل في نهي النبي - صلى الله عليه وسلم - ِ التحريم، حتى يرد دليل يصرفه إلى الكراهة أو غيرها، وعلى هذا فيحرم على من أراد أن يضحي أن يأخذ في العشر من شعره، أو ظفره، أو بشرته شيئَا، حتى يضحي، وهذا من نعمة الله سبحانه وتعالى على عباده؛ لأنه لما فات أهل المدن والقرى والأمصار الحج، والتعبد لله سبحانه وتعالى بترك الترفه، شرع لمن في الأمصار هذا الأمر، شرعه لهم ليشاركوا الحجاج في بعض ما يتعبدون لله تعالى بتركه. ويقال كذلك: أن المضحي لما شارك الحاج في بعض أعمال النسك وهو التقرب إلى الله بذبح القربان، شاركه في بعض خصائص الإحرام من الإمساك عن الشعر والظفر.
وهذا الحكم خاص بمن يضحي، أما من يضحي عنه فلا يتعلق به هذا الحكم، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «وأراد أحدكم أن يضحي» ولم يقل: (أو يضحي عنه)، فيقتصر على ما جاء به النص، ولأن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يضحي عن أهل بيته ولم ينقل عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه أمرهم بالإمساك عن ذلك، فدل هذا على أن هذا الحكم خاص بمن يريد أن يضحي فقط. ثم أن المراد بقوله: «أن أراد أن يضحي» عن نفسه، لا من أراد أن يضحي بوصية، فإن هذا ليس مضحيًا في الحقيقة، ولكنه نائب عن غيره، فلا يتعلق به حكم الأضحية، ولهذا لا يثاب على هذه الأضحية ثواب المضحي، وإنما يثاب عليها ثواب المحسن الذي أحسن إلى أمواته، وقام بتنفيذ وصاياهم.
ثم إنه نسمع من كثير من العامة: أن من أراد أن يضحي، وأحب أن يأخذ من شعره، أو من ظفره، أو من بشرته شيئًا يوكل غيره في التضحية وتسميه الأضحية، ويظن أن هذا يرفع عنه النهي، وهذا
خطأ فإن الإنسان الذي يريد أن يضحي ولو وكل غيره، لا يحل له أن يأخذ شيئًا من شعره، أو ظفره، أو بشرته. ثم إن بعض النساء في هذه الحال يسألن عمن طهرت في أثناء هذه المدة وهي تريد أن تضحي فماذا تصنع في رأسها ؟
فنقول لها: تصنع في رأسها أنها تنقضه وتغسله وترويه، ولا حاجة إلى تسريحه وكدّه؛ لأنه لا ضرورة إلى ذلك، وإن احتاجت إلى تسريحه فإنها تسرحه برفق، فإن سقط منه شيء في هذه الحال لم يضر.
وأما قول السائل: هل يستوي في ذلك الحاج والمقيم ؟
فنقول: إن الحاج إذا اعتمر فلابد له من التقصير، فيقصر ولو كان يريد أن يضحي في بلده؛ لأنه يجوز للإنسان إذا كان له عائلة لم تحج أن يوكل من يشتري لهم أضحية يضحي بها عنه وعن آل بيته، وفي هذه الحال إذا كان معتمرًا فلا حرج عليه أن يقصر من شعر رأسه؛ لأن التقصير في العمرة نسك. والله أعلم.
المصدر :
مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين(25/138- 141)