حكم قضاء الصلاة للمريض بعد شفائه
عدد الزوار
75
التاريخ
01/01/2021
السؤال :
كنت مريضة لمدة ثلاث سنوات، ولم أصل في هذه الفترة إلا بعض الأوقات، أما الأوقات الأخرى فإني لم أستطع أن أصليها لأنني كنت في غيبوبة، وأيضا أسأل عن الصيام، فقد مضت سنتان لم أصم شهر رمضان فيهما من شدة المرض، وإلى الآن لم أستطع الصوم، أرجو إفادتي عن: ماذا يجب علي فعله نحو الصيام والصلاة؟ جزاكم الله خيرا.
الإجابة :
أما الصيام فعليك قضاء الصيام، إذا كان تركه من شدة المرض فعليك قضاء الصيام إذا شفاك الله عز وجل؛ لأن الله قال سبحانه وتعالى: ومن كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر. أما إذا كان تركه عن زوال عقل، أصابك المرض الذي أزال العقل وصادف رمضان وأنت غير عاقلة، قد زال العقل منك فلا صيام عليك إذا كانت المدة التي في رمضان والعقل مفقود، فلا صيام لأن التكليف مربوط بالعقل، فإذا زال العقل زال التكليف، أما إذا كان لشدة المرض فقط فعليك القضاء، وهكذا الصلاة إن كان تركك الصلاة من أجل زوال العقل، بسبب ما أصابك من الإغماء الذي فقدت معه العقل، حتى مضى عليك سنة أو سنتان وأنت غير عاقلة، قد ذهب عقلك فلا قضاء؛ لأن من ذهب عقله فهو شبه المجنون والمعتوه لا قضاء عليهما، أما إن كان من أجل المرض مع شدة المرض وتساهلت ولم تصلي تحسبين أنه يجوز لك ذلك فعليك أن تقضي ما تركت من الصلوات التي غلب على ظنك أنك تركتها بسبب شدة المرض، تقضينها حسب الطاقة، تسردين ما ظننت أنك تركته في كل وقت، تجمعين جملة من الصلوات وتقضينها لأنك تركتها عن جهل منك، وعن غلط منك بسبب المرض، والمريض يصلي على حسب حاله، يصلي قاعدا، فإن عجز صلى على جنبه، فإن عجز صلى مستلقيا، لا يتساهل، والنبي -صلى الله عليه وسلم- قال للمريض: «صل قائما، فإن لم تستطع فقاعدا، فإن لم تستطع فعلى جنب، فإن لم تستطع فمستلقيا» هكذا يجب على المؤمن إذا مرض إن استطاع القيام صلى قائما، فإن عجز صلى وهو قاعد، ويركع ويسجد في الأرض، فإن عجز عن القعود صلى على جنبه، والأفضل على جنبه الأيمن، يقرأ ويكبر ويتعاطى ما شرع الله بالكلام، وينوي الأفعال بالنية، ينوي الركوع بالنية، ينوي السجود، ينوي الجلوس بين السجدتين بالنية، ينوي الجلوس للتحيات بالنية، ويأتي بالأقوال المشروعة من القراءة وغيرها، فإن عجز صلى مستلقيا، يستلقي ويجعل رجليه للقبلة، ويصلي وهو مستلق، يكبر ويقرأ، يكبر ويركع بالنية، يقول: سمع الله لمن حمده. بالنية ويرفع بالنية ويقول: ربنا ولك الحمد. ثم يكبر ناويا السجود، وهكذا من الرقود على جنبه، ومن المستلقي، أما إذا كنت قد فقدت الشعور، فقد فقدت عقلك فالمدة التي فقدت فيها عقلك، المدة الطويلة هذه لا قضاء فيها، أما إذا كانت المدة قليلة، اليوم واليومين التي فقدت فيها عقلك والباقي صاحية فاليوم واليومان والثلاثة تقضى، كالنائم يقضي، لكن إذا طالت المدة أكثر من ثلاثة أيام، طالت المدة بسبب فقد العقل والإغماء فلا قضاء على الصحيح، المقصود أن عليك قضاء المدة التي تركت فيها الصلاة من أجل شدة المرض لا من أجل زوال العقل، فإذا كان من أجل شدة المرض هذا يعد تساهلا منك، وعليك القضاء مرتبا: ظهر، عصر، مغرب، عشاء، فجر. وهكذا يرتب ولو في أيام قلائل، كل وقت تصلين فيه عدة صلوات حسب ظنك وعلى غلبة ظنك تجتهدين وتصلينها إن شاء الله، هذا هو الأحوط لك والأفضل لك. والصيام كذلك، ما ترك من أجل شدة المرض تقضينه، وما كان عند زوال العقل - يعني بعد ذهاب عقلها ولم يكن معها عقل - فلا قضاء، مثل المعتوه، ولا يلزمها شيء إلا الصيام؛ لأنها معذورة.
أما إذا كان تركك أيتها السائلة للصلاة عن عمد، قلة مبالاة، ما هو عن شبهة، وتظنين أن المرض عذر، قد تركتها قلة مبالاة وتساهلا بها هذا كفر وضلال، فلا تقضى بعدئذ، التوبة تكفي فقط؛ لأن الرسول -صلى الله عليه وسلم- أخبر أن ترك الصلاة كفر، قال -عليه الصلاة والسلام-: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر» فإذا كنت تركتها عمدا لا عن شبهة ولا عن ظن أنه يجوز لك تأخيرها من أجل المرض فهذا منكر عظيم وكفر صريح، فالتوبة تكفي ولا قضاء عليك لما مضى؛ لأن تركها من غير عذر كفر وضلال وردة عن الإسلام في أصح قولي العلماء، فإذا تاب العبد من ذلك كفته التوبة فقط، نسأل الله السلامة.
المصدر :
الشيخ ابن باز من فتاوى نور على الدرب(12/ 481- 484)