حكم استبدال النقود بنقود بلد آخر بزيادة
عدد الزوار
91
التاريخ
01/01/2021
السؤال :
فضيلة الشيخ، هذا السؤال وردنا من الجزائر من المرسلة منى عباسي معمر من مدينة الوادي بالجزائر، يقول السائل: ما حكم الدين في الاستبدال بأوراق نقدية في بلد ما أوراقاً نقدية في بلد آخر بالزيادة ؟ أعطيكم مثالاً؛ ألف دينار جزائري تساوي في البنك حوالي ألف ومائة فرنك فرنسي، يقول: إن كثيراً من المواطنين بعضهم يستبدلون بألف دينار ثلاثة آلاف فرنك فرنسي، هل هذا يعد ربا أم لا؟ أرجو شرحاً وافياً، ودمتم.
الإجابة :
الحمد لله، من المعلوم أن هذه الأوراق النقدية حدث التعامل بها في الآونة الأخيرة؛ نظراً لخفتها، وتيسر نقلها، وسهولة العدد، وغير ذلك مما هو معروف في هذه الأوراق النقدية.
وقد اختلف أهل العلم فيما يلحقونها به: هل يلحقونها بالذهب أو بالفضة أو بالعروض؟
والذي يترجح عندي أنها تلحق بالنقود، لكنها تلحق بالنقود المختلفة نوعاً، بمعني: أننا نجعلها إذا اختلفت اختلافاً كاختلاف الذهب والفضة، فمثلاً ما ذكره السائل نقول: إن الأوراق النقدية الفرنسية غير الأوراق النقدية المغربية، أو الجزائرية، أو التونسية، أو ما أشبه ذلك، ونجعل هذا الخلاف كالخلاف بين الذهب والفضة، ونقول: إذا بيع نقد من هذا بنقد من هذا فانه لا بد فيه من التقابض في مجلس العقد؛ أي: قبل أن يتفرق المتصارفان، يكون يداً بيدٍ لكن التفاضل لا بأس به، فإذا قُدر أن قيمة هذا النقد ألف ومائة وباعه - يعني في البنك - وتبايعه الناس فيما بينهم بألف ومائتين، أو بألف وثلاثمائة، أو بألف وخمسمائة، أو بثلاثة آلاف كما ذكر السائل، فإنه لا بأس به؛ لأننا نرى أن الممنوع منه هو ربا النسيئة فقط بين هذه الأوراق النقدية، أما ربا الفضل فليس ممنوعاً؛ وذلك لأنها هي بنفسها ليست هي المعدن المعين الذي يجب فيه التساوي، وإنما هي خاضعة وقابلة للزيادة والنقص حسب العرض والطلب، فالزيادة فيها والنقص لا بأس به؛ لأنه خاضع للعرض والطلب، ولكن الممنوع هو التفرق قبل القبض.
السائل: هل يدخل عليها مسألة أخرى وهي كثرة التداول الآن بين الناس، فيأتي شخص ليسافر خارج المملكة مثلاً سيسافر مثلاً إلى لندن، أو إلى أمريكا، أو أي جهة أخرى، فيذهب إلى البنك مثلاً يأخذ منه شيكاً مقابل نقود يدفعها للبنك، ويحوله البنك في هذا الشيك إلى أي بنك في الدولة الخارجية، وربما أن البنك تصرف في النقود قبل أن يصل المسافر، وهذا لا يعد قبضاً، فهل هذا جائز أو غير جائز؟
الشيخ: إننا نرى أن مثل هذه الحالة إذا كان صرفاً بمعنى أنه سيسلمه عملة البلد التي فيها البنك، ثم يحولها البنك إلى عملة البلد الذي سوف يسافر إليه، هذا في الحقيقة صرف، ولا يجوز هذا العمل؛ لأنه يتأخر القبض.
أما إذا أعطاه هذا الرجل من عملة البلد الذي سوف يسافر إليه وقال خذ هذه مثلاً مائة دولار، وهو مسافر إلى أمريكا، حولها لي إلى مائة دولار بالبنك الأمريكي مثلاً هناك، فهذا لا بأس به؛ لأن هذا ليس ببيع، أنا لم أبع مثلاً نقداً سعودياً مثلاً بنقد أمريكي، إنما أعطيته نقداً أمريكياً ليحوله إلى نقد أمريكي نفسه.
السائل: إذاً هذه يستلزم مثلاً أن أشترى النقود الأمريكية وأذهب بها إلى البنك، ولا أعطيهم من النقود السعودية وهو يحولها إلي.
الشيخ: نقول: إذا أردت أن تسافر إلى أمريكا مثلاً، فإنه لا يمكن أن تعطيه عملة سعودية نقداً ويحولها إلى نقود أمريكية.
السائل: لكن هذا فيه مشقة على المسلمين.
الشيخ: ليس فيه، هذا ما نراه، وليس فيه مشقه، وأين المشقة؟!
السائل: فيه خسارة، أولاً لأنك ستشتري مثلاً النقود من خارج البنك، وسيأخذ عليك الفرق، وعند إيداعها في البنك سيأخذ عليك العمولة، فهذا يضيع حق المسلم مثلاً.
الشيخ: فليضع، إذا خلص الإنسان من الربا فليضع، وإذا راعينا مسلك الخسارة والربح، والوقوع في الربا فهذا يجعل علينا شيئاً كثيراً، فالواجب على المسلم أن يتمشى حسب ما رسمه له الشرع، خسر في ذلك أم ربح.
المصدر :
الشيخ ابن عثيمين من فتاوى نور على الدرب