عدد الزوار 59 التاريخ Sunday, April 21, 2024 3:10 PM
فَأَجَابَ: الأَصْلُ فِي أَدَاءِ الصَّلَاةِ مَا جَاءَ عَنْ مَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي). رَوَاهُ البُخَارِيُّ.
وَثَبَتَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا: «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَقُولُ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي، وَارْحَمْنِي، وَاجْبُرْنِي، وَاهْدِنِي، وَارْزُقْنِي». رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وقال: هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ، وَهَكَذَا رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ» وَبِهِ يَقُولُ الشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ: يَرَوْنَ هَذَا جَائِزًا فِي المَكْتُوبَةِ وَالتَّطَوُّعِ، وَرَوَى بَعْضُهُمْ هَذَا الحَدِيثَ، عَنْ كَامِلٍ أَبِي العَلَاءِ مُرْسَلًا. انْتَهَى.
وَقَدْ صَحَّحَ الحَدِيثَ غَيْرُ التِّرْمِذِيِّ، وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، إِلَّا أَنَّهُ قَالَ فِيهِ: «وَعَافِنِي مَكَانَ: وَاجْبُرْنِي».
وَلِابْنِ مَاجَهْ - وَقَدْ صُحِّحَ - عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ فِي صَلَاةِ اللَّيْلِ: «رَبِّ اغْفِرْ لِي، وَارْحَمْنِي، وَاجْبُرْنِي، وَارْزُقْنِي، وَارْفَعْنِي». قَالَ فِي الزَّوَائِدِ: رِجَالُهُ ثِقَاتٌ، إِلَّا أَنَّ حَبِيبَ بْنَ أَبِي ثَابِتٍ كَانَ يُدَلِّسُ، وَقَدْ عَنْعَنَهُ.
وعَنْ حُذَيْفَةَ، قَالَ: «صَلَّيْتُ مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَيْلَةً، فَافْتَتَحَ الْبَقَرَةَ، فَقُلْتُ: يَرْكَعُ عِنْدَ الْمِائَةِ، فَمَضَى، فَقُلْتُ: يَرْكَعُ عِنْدَ الْمِائَتَيْنِ، فَمَضَى، فَقُلْتُ: يُصَلِّي بِهَا فِي رَكْعَةٍ، فَمَضَى، فَافْتَتَحَ النِّسَاءَ فَقَرَأَهَا، ثُمَّ افْتَتَحَ آلَ عِمْرَانَ فَقَرَأَهَا، يَقْرَأُ مُتَرَسِّلًا، إِذَا مَرَّ بِآيَةٍ فِيهَا تَسْبِيحٌ سَبَّحَ، وَإِذَا مَرَّ بِسُؤَالٍ سَأَلَ، وَإِذَا مَرَّ بِتَعَوُّذٍ تَعَوَّذَ، ثُمَّ رَكَعَ فَقَالَ: سُبْحَانَ رَبِّيَ الْعَظِيمِ، فَكَانَ رُكُوعُهُ نَحْوًا مِنْ قِيَامِهِ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ، فَقَالَ: سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، فَكَانَ قِيَامُهُ قَرِيبًا مِنْ رُكُوعِهِ، ثُمَّ سَجَدَ، فَجَعَلَ يَقُولُ: سُبْحَانَ رَبِّيَ الْأَعْلَى، فَكَانَ سُجُودُهُ قَرِيبًا مِنْ رُكُوعِهِ».
وَفِي رِوَايَةٍ: «أَنَّهُ صَلَّى مَعَ رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي رَمَضَانَ فَرَكَعَ، فَقَالَ فِي رُكُوعِهِ: سُبْحَانَ رَبِّيَ الْعَظِيمِ مِثْلَ مَا كَانَ قَائِمًا، ثُمَّ جَلَسَ يَقُولُ: رَبِّ اغْفِرْ لِي، رَبِّ اغْفِرْ لِي مِثْلَ مَا كَانَ قَائِمًا».
وَفِي رِوَايَةٍ: «يَقُولُ فِي رُكُوعِهِ: سُبْحَانَ رَبِّيَ الْعَظِيمِ، وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ، قَالَ: لِرَبِّيَ الْحَمْدُ، لِرَبِّيَ الْحَمْدُ، وَفِي سُجُودِهِ: سُبْحَانَ رَبِّيَ الْأَعْلَى، وَبَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ: رَبِّي اغْفِرْ لِي، رَبِّي اغْفِرْ لِي، وَكَانَ قِيَامُهُ وَرُكُوعُهُ، وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ، وَسُجُودُهُ، وَمَا بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ قَرِيبًا مِنَ السَّوَاءِ». رَوَاهُ النَّسَائِيُّ، وَبَقِيَّةُ أَصْحَابِ السُّنَنِ.
وعَنْ أَنَسٍ، قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا قَالَ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، قَامَ حَتَّى نَقُولَ: قَدْ أَوْهَمَ، ثُمَّ يَسْجُدُ وَيَقْعُدُ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ، حَتَّى نَقُولَ: قَدْ أَوْهَمَ». رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
وَفِي رِوَايَةٍ مُتَّفَقٍ عَلَيْهَا، أَنَّ أَنَسًا قَالَ: «إنِّي لَا آلُو أَنْ أُصَلِّيَ بِكُمْ كَمَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُصَلِّي بِنَا، فَكَانَ إذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ الرُّكُوعِ انْتَصَبَ قَائِمًا، حَتَّى يَقُولَ النَّاسُ: قَدْ نَسِيَ، وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ السَّجْدَةِ مَكَثَ، حَتَّى يَقُولَ النَّاسُ: قَدْ نَسِيَ».
قَالَ الْحَافِظُ: وَوَقَعَ عِنْدَ الْإِسْمَاعِيلِيِّ مِنْ طَرِيقِ غُنْدَرٍ، عَنْ شُعْبَةَ، قُلْنَا: قَدْ نَسِيَ طُولَ الْقِيَامِ؛ أَيْ: لِأَجْلِ طُولِ قِيَامِهِ.
قَالَ الشَّوْكَانِيُّ: "وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ تَطْوِيلِ الِاعْتِدَالِ مِنْ الرُّكُوعِ، وَالْجِلْسَةِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ، وَقَدْ ذَهَبَ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ إلَى بُطْلَانِ الصَّلَاةِ بِتَطْوِيلِ الِاعْتِدَالِ وَالْجُلُوسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ، مُحْتَجًّا بِأَنَّ طُولَهُمَا يَنْفِي الْمُوَالَاةَ، وَمَا أَدْرِي مَا يَكُونُ جَوَابُهُ عَنْ حَدِيثِ الْبَابِ، وَعَنْ حَدِيثِ حُذَيْفَةَ الْآتِي بَعْدَهُ، وَعَنْ حَدِيثِ الْبَرَاءِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ: «أَنَّهُ كَانَ رُكُوعُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَسُجُودُهُ وَإِذَا رَفَعَ مِنْ الرُّكُوعِ وَبَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ قَرِيبًا مِنْ السَّوَاءِ» ... وَفِيهِ رَدٌّ عَلَى مَنْ ذَهَبَ إلَى كَرَاهَةِ تَطْوِيلِ الِاعْتِدَالِ مِنْ الرُّكُوعِ وَالْجِلْسَةِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ. قَالَ النَّوَوِيُّ: وَالْجَوَابُ عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ صَعْبٌ". انْتَهَى.
فَالاقْتِصَارُ عَلَى الوَارِدِ هُوَ المُتَعَيَّنُ، وَإِنْ زَادَ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ أَحْيَانًا، لَا أَنْ يَتَّخِذَهُ عَادَةً، دَعْوَةً أَوْ مَسْأَلَةً؛ فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ، وَهُوَ مَا أَفْتَى بِهِ شَيْخُنَا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ بَازٍ - رَحِمَهُ اللهُ -. وَاللهُ أَعْلَمُ.