تَرْتِيبُ الوِلَايَةِ فِي النِّكَاحِ

فَأَجَابَ: جِهَاتُ وَتَرْتِيبُ الوِلَايَةِ فِي عَقْدِ النِّكَاحِ خَمْسٌ: أُبُوَّةٌ وَإِنْ عَلَوْا، وَوَصِيُّ الأَبِ بَعْدَ الأَبِ، ثُمَّ بُنُوَّةٌ وَإِنْ نَزَلُوا، ثُمَّ أُخُوَّةٌ ثُمَّ أَبْنَاؤُهُمْ، ثُمَّ عُمُومَةُ ثُمَّ أَبْنَاؤُهُمْ، ثُمَّ وَلَاءٌ، ثُمَّ السُّلْطَانُ وَلِيُّ مَنْ لَا وَلِيَّ لَهَا.
فَإِنْ كَانُوا فِي جِهَةٍ وَاحِدَةٍ قُدِّمَ الأَقْرَبُ مَنْزِلَةً، كَالأَبِ مُقَدَّمٌ عَلَى الجَدِّ، فَإِنْ كَانُوا فِي مَنْزِلَةٍ وَاحِدَةٍ قُدِّمَ الأَقْوَى، كَالأَخِ الشَّقِيقِ مُقَدَّمٌ عَلَى الأَخِ لِأَبٍ.
وَلَا يُقَدَّمُ الأَبْعَدُ مَعَ وُجُودِ الأَقْرَبِ إِلَّا لِعُذْرٍ شَرْعِيٍّ، كَعَدَمِ الأَهْلِيَّةِ لِصِغَرٍ أَوْ فِسْقٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَلِمَنْ لَهُ الوِلَايَةُ أَنْ يُوَكِّلَ غَيْرَهُ.
وَقَالَ ابْنُ قُدَامَةَ: "إِذَا زَوَّجَهَا الوَلِيُّ الأَبْعَدُ مَعَ حُضُورِ الوَلِيِّ الأَقْرَبِ، فَأَجَابَتْهُ إِلَى تَزْوِيجِهَا مِنْ غَيْرِ إِذْنِهِ: لَمْ يَصِحَّ. وَبِهَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ.
وَقَالَ مَالِكٌ: يَصِحُّ؛ لِأَنَّ هَذَا وَلِيٌّ لَهُ أَنْ يُزَوِّجَهَا بِإِذْنِهَا كَالأَقْرَبِ.
وَلَنَا: أَنَّ هَذَا مُسْتَحَقٌّ بِالتَّعْصِيبِ، فَلَمْ يَثْبُتْ لِلْأَبْعَدِ مَعَ وُجُودِ الأَقْرَبِ؛ كَالمِيرَاثِ، وَبِهَذَا فَارَقَ القَرِيبُ البَعِيدَ". وَاللهُ أَعْلَمُ.