عدد الزوار 130 التاريخ Sunday, February 27, 2022 6:30 AM
(349)
هَلِ الحَدِيثُ المُعَلَّقُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ؟
سُئِلَ فَضِيلَةُ الشَّيْخِ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ النُّمَيُّ – حَفِظَهُ اللهُ -: هَلْ يَصِحُّ أَنْ يُطْلَقَ عَلَى الحَدِيثِ مُتَّفَقًا عَلَيْهِ، أَوْ رَوَاهُ البُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ، وَهُوَ مُعَلَّقٌ عِنْدَ أَحَدِهِمَا؟
فأجاب: الحَدِيثُ المُعَلَّقُ هُوَ مَا حُذِفَ مِنْ مَبْدَأِ إِسْنَادِهِ رَاوٍ فَأَكْثَرُ.
وَالحَدِيثُ الَّذِي فِي صَحِيحِ البُخَارِيِّ أَوْ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ مُعَلَّقًا لَيْسَ عَلَى شَرْطِهِ؛ لِأَنَّ شَرْطَهُمَا فِي كِتَابَيْهِمَا هُوَ الحَدِيثُ المُسْنَدُ، فَمَثَلًا حَدِيثُ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رَدٌّ»، قَالَ النَّوَوِيُّ: رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ، وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ: «مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ».
فَنَسَبَ الرِّوَايَةَ الأُولَى لِلْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ لِأَنَّهُ مُسْنَدٌ مُتَّصِلٌ.
وَأَمَّا الرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ، فَنَسَبَهَا لِمُسْلِمٍ دُونَ البُخَارِيِّ مَعَ أَنَّهَا فِي جَامِعِهِ؛ لِأَنَّهَا عِنْدَهُ مُعَلَّقَةٌ، حَيْثُ قَالَ: بَابُ إِذَا اجْتَهَدَ العَامِلُ أَوِ الحَاكِمُ، فَأَخْطَأَ خِلاَفَ الرَّسُولِ مِنْ غَيْرِ عِلْمٍ، فَحُكْمُهُ مَرْدُودٌ؛ لِقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ».
وَقَالَ النَّوَوِيُّ: مَا رَوَيَاهُ بِالْإِسْنَادِ الْمُتَّصِلِ فَهُوَ الْمَحْكُومُ بِصِحَّتِهِ، وَأَمَّا مَا حُذِفَ مِنْ مُبْتَدَأِ إِسْنَادِهِ وَاحِدٌ أَوْ أَكْثَرُ، فَمَا كَانَ مِنْهُ بِصِيغَةِ الْجَزْمِ كَقَالَ، وَفَعَلَ، وَأَمَرَ، وَرَوَى، وَذَكَرَ فُلَانٌ، فَهُوَ حُكْمٌ بِصِحَّتِهِ عَنِ الْمُضَافِ إِلَيْهِ.
وَمَا لَيْسَ فِيهِ جَزْمٌ كَيُرْوَى، وَيُذْكَرُ، وَيُحْكَى، وَيُقَالُ، وَرُوِيَ، وَذُكِرَ، وَحُكِيَ عَنْ فُلَانٍ كَذَا، فَلَيْسَ فِيهِ حُكْمٌ بِصِحَّتِهِ عَنِ الْمُضَافِ إِلَيْهِ. وَلَيْسَ بِوَاهٍ لِإِدْخَالِهِ فِي الْكِتَابِ الْمَوْسُومِ بِالصَّحِيحِ. انْتَهَى.
وَفِي تَدْرِيبِ الرَّاوِي لِلسُّيُوطِيِّ: قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ ابْنُ حَجَرٍ: وَفِيهِ – يَعْنِي فِي صَحِيحِ البُخَارِيِّ - مِنَ التَّعَالِيقِ: أَلْفٌ وَثَلَاثُمِائَةٍ وَأَحَدٌ وَأَرْبَعُونَ، وَأَكْثَرُهَا مُخَرَّجٌ فِي أُصُولِ مُتُونِهِ، وَالَّذِي لَمْ يُخَرِّجْهُ مِائَةٌ وَسِتُّونَ.
قَالَ السُّيُوطِيُّ: وَصَلَهَا شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي تَأْلِيفٍ لَطِيفٍ سَمَّاهُ: "التَّوْفِيقَ"، وَلَهُ فِي جَمِيعِ التَّعْلِيقِ وَالْمُتَابَعَاتِ وَالْمَوْقُوفَاتِ كِتَابٌ جَلِيلٌ بِالْأَسَانِيدِ سَمَّاهُ: "تَغْلِيقَ التَّعْلِيقِ"، وَاخْتَصَرَهُ بِلَا أَسَانِيدَ فِي آخَرَ سَمَّاهُ: "التَّشْوِيقَ إِلَى وَصْلِ الْمُهِمِّ مِنَ التَّعْلِيقِ".
وَقَالَ: الْمُعَلَّقُ فِي الْبُخَارِيِّ كَثِيرٌ جِدًّا، كَمَا تَقَدَّمَ عَدَدُهُ، وَفِي مُسْلِمٍ فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ فِي التَّيَمُّمِ، حَيْثُ قَالَ: وَرَوَى اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، فَذَكَرَ حَدِيثَ أَبِي الْجُهَيْمِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ الصِّمَّةِ: «أَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ نَحْوِ بِئْرِ جَمَلٍ». الْحَدِيثَ، وَفِيهِ أَيْضًا مَوْضِعَانِ فِي الْحُدُودِ وَالْبُيُوعِ، رَوَاهُمَا بِالتَّعْلِيقِ عَنِ اللَّيْثِ، بَعْدَ رِوَايَتِهِمَا بِالِاتِّصَالِ، وَفِيهِ بَعْدَ ذَلِكَ أَرْبَعَةَ عَشَرَ مَوْضِعًا، كُلُّ حَدِيثٍ مِنْهَا رَوَاهُ مُتَّصِلًا، ثُمَّ عَقَّبَهُ بِقَوْلِهِ: وَرَوَاهُ فُلَانٌ.