عدد الزوار 133 التاريخ Monday, January 31, 2022 2:24 PM
(315)
حَدِيثٌ ذَكَرَ فَضَائِلَ جَمِيعِ السُّوَرِ .. فَهَلْ يَصِحُّ؟
سُئِلَ فَضِيلَةُ الشَّيْخِ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ النُّمَيُّ – حَفِظَهُ اللهُ -: هَلْ صَحَّ الحَدِيثُ الَّذِي يَذْكُرُ فَضَائِلَ جَمِيعِ السُّوَرِ؟
فأجاب: لَا يَصِحُّ؛ بَلْ هُوَ مَوْضُوعٌ.
قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: رُوِّينَا ... عَنْ أَبِي عِصْمَةَ - وَهُوَ نُوحُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ - أَنَّهُ قِيلَ لَهُ: "مِنْ أَيْنَ لَكَ عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي فَضَائِلِ الْقُرْآنِ سُورَةً سُورَةً؟"، فَقَالَ: إِنِّي رَأَيْتُ النَّاسَ قَدْ أَعْرَضُوا عَنِ الْقُرْآنِ، وَاشْتَغَلُوا بِفِقْهِ أَبِي حَنِيفَةَ، وَمَغَازِي مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، فَوَضَعْتُ هَذِهِ الْأَحَادِيثَ حِسْبَةً ..."!.
وَهَكَذَا حَالُ الْحَدِيثِ الطَّوِيلِ الَّذِي يُرْوَى عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي فَضْلِ الْقُرْآنِ سُورَةً فَسُورَةً.
بَحَثَ بَاحِثٌ عَنْ مُخْرَجِهِ حَتَّى انْتَهَى إِلَى مَنِ اعْتَرَفَ بِأَنَّهُ وَجَمَاعَةٌ وَضَعُوهُ، وَإِنَّ أَثَرَ الْوَضْعِ لَبَيِّنٌ عَلَيْهِ، وَلَقَدْ أَخْطَأَ الْوَاحِدِيُّ الْمُفَسِّرُ، وَمَنْ ذَكَرَهُ مِنَ الْمُفَسِّرِينَ فِي إِيدَاعِهِ تَفَاسِيرَهُمْ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَقَالَ ابْنُ القَيِّمِ: وَمِنْهَا: "ذِكْرُ فَضَائِلَ السُّوَرِ، وَثَوَابِ مَنْ قَرَأَ سُورَةَ كَذَا، فَلَهُ أَجْرُ كَذَا"، مِنْ أَوَّلِ الْقُرْآنِ إِلَى آخِرِهِ، كَمَا ذَكَرَ ذَلِكَ الثَّعْلَبِيُّ، وَالْوَاحِدِيُّ، فِي أَوَّلِ كُلِّ سُورَةٍ، وَالزَّمَخْشَرِيُّ فِي آخِرِهَا، قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ: أَظُنُّ الزَّنَادِقَةُ وَضَعُوهَا.
وَالَّذِي صَحَّ فِي أَحَادِيثِ السُّوَرِ: "حَدِيثُ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ، وَأَنَّهُ لَمْ يَنْزِلْ فِي التَّوْرَاةِ، وَلا فِي الإِنْجِيلِ، وَلا فِي الزَّبُورِ مِثْلُهَا"، وَحَدِيثُ: "الْبَقَرَةُ وَآلُ عِمْرَانَ إِنَّهُمَا الزَّهْرَاوَانِ". وَحَدِيثُ: "آيَةِ الْكُرْسِيِّ، وَإِنَّهَا سَيِّدَةُ آيِ الْقُرْآنِ"، وَحَدِيثُ: "الآيَتَيْنِ مِنْ آخِرِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ مَنْ قَرَأَهُمَا فِي لَيْلَةٍ كَفَتَاهُ"، وَحَدِيثُ: "سُورَةِ الْبَقَرَةِ لا تُقْرَأُ فِي بَيْتٍ فَيَقْرَبَهُ شَيْطَانٌ"، وَحَدِيثُ: "الْعَشْرُ آيَاتٍ مِنْ أَوَّلِ سُورَةِ الْكَهْفِ مَنْ قَرَأَهَا عُصِمَ مِنْ فِتْنَةِ الدَّجَّالِ"، وَحَدِيثُ: "قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ، وَأَنَّهَا تَعْدِلُ ثُلْثَ الْقُرْآنِ"، وَلَمْ يَصِحَّ فِي فَضَائِلِ سُوْرَةٍ مَا صَحَّ فِيهَا، وَحَدِيثُ: "الْمُعَوِّذَتَيْنِ، وَأَنَّهُ مَا تَعَوَّذَ المُتَعَوِّذُونَ بِمِثْلِهِمَا". وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أُنْزِلَ عَلَيَّ آيَاتٌ لَمْ يُرَ مِثْلُهُنَّ، ثُمَّ قَرَأَهُمَا".
وَيَلِي هَذِهِ الأَحَادِيثَ - وَهُوَ دُونَهَا فِي الصِّحَّةِ – حَدِيثُ: "إِذَا زُلْزِلَتْ، تَعْدِلُ نِصْفَ الْقُرْآنِ"، وَحَدِيثُ: "قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ، تَعْدِلُ رُبْعَ الْقُرْآنِ". وَحَدِيثُ: "تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ، هِيَ الْمُنَجِّيَةُ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ".
ثُمَّ سَائِرُ الأَحَادِيثِ بَعْدُ كَقَوْلِهِ: "مَنْ قَرَأَ سُورَةَ كَذَا أُعْطِيَ ثَوَابَ كَذَا"؛ فَمَوْضُوعَةٌ عَلَى رَسُولِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَقَدِ اعْتَرَفَ بِوَضْعِهَا وَاضِعُهَا، وَقَالَ: "قَصَدْتُ أَنْ أَشْغَلَ النَّاسَ بِالْقُرْآنِ عَنْ غَيْرِهِ".