عدد الزوار 173 التاريخ Sunday, January 16, 2022 10:48 PM
(304)
الذِّكْرُ الخَاصُّ بِدُخُولِ السُّوقِ
سُئِلَ فَضِيلَةُ الشَّيْخِ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ النُّمَيُّ – حَفِظَهُ اللهُ -: مَا دَرَجَةُ الذِّكْرِ الخَاصِّ بِدُخُولِ السُّوقِ؟
فأجاب: هُوَ حَدِيثٌ مَعْلُولٌ، وَقَدْ تَكَلَّمَ فِيهِ أَهْلُ العِلْمِ.
قَالَ ابْنُ القَيِّمِ: "أَعَلَّهُ أَئِمَّةُ الْحَدِيثِ".
وَقَدْ أَعَلَّهُ أَبُو حَاتِمٍ، وَابْنُهُ، وَأَبُو زُرْعَةَ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَابْنُ القَيِّمِ، وَقَدْ حُسِّنَ، وَصَحَّحَهُ الحَاكِمُ.
وَالحَدِيثُ أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ، رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ وَاسِعٍ، قَالَ: قَدِمْتُ مَكَّةَ، فَلَقِيَنِي أَخِي سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، فَحَدَّثَنِي عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: "مَنْ دَخَلَ السُّوقَ، فَقَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ المُلْكُ وَلَهُ الحَمْدُ، يُحْيِي وَيُمِيتُ، وَهُوَ حَيٌّ لَا يَمُوتُ، بِيَدِهِ الخَيْرُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، كَتَبَ اللَّهُ لَهُ أَلْفَ أَلْفِ حَسَنَةٍ، وَمَحَا عَنْهُ أَلْفَ أَلْفِ سَيِّئَةٍ، وَرَفَعَ لَهُ أَلْفَ أَلْفِ دَرَجَةٍ". قَالَ التِّرْمِذِيُّ: «هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ»، وَقَدْ رَوَاهُ عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، وَهُوَ قَهْرَمَانُ آلِ الزُّبَيْرِ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، هَذَا الحَدِيثَ نَحْوَهُ، وَسَاقَ سَنَدَهُ وَمَتْنَهُ، وَذَكَرَ لَهُ طَرِيقًا أُخْرَى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، أَعَلَّهَا أَبُو حَاتِمٍ، وَابْنُهُ، وَأَبُو زُرْعَةَ.
وَرَوَاهُ الحَاكِمُ، وَزَادَ: (وَبَنَى لَهُ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ). قَالَ: فَقَدِمْتُ خُرَاسَانَ، فَأَتَيْتُ قُتَيْبَةَ بْنَ مُسْلِمٍ، فَقُلْتُ لَهُ: أَتَيْتُكَ بِهَدِيَّةٍ، فَحَدَّثْتُهُ بِالْحَدِيثِ، فَكَانَ قُتَيْبَةُ بْنُ مُسْلِمٍ يَرْكَبُ فِي مَوْكِبِهِ حَتَّى يَأْتِيَ بَابَ السُّوقِ فَيَقُولَهَا، ثُمَّ يَنْصَرِفَ.
قَالَ الحَاكِمُ: "هَذَا حَدِيثٌ لَهُ طُرُقٌ كَثِيرَةٌ"، ثُمَّ رَوَاهُ عَنِ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا، وَقَالَ: "هَذَا إِسْنَادٌ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ". قَالَ: وَفِي الْبَابِ عَنْ جَابِرٍ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَبُرَيْدَةَ الْأَسْلَمِيِّ، وَأَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ، «وَأَقْرَبُهَا بِشَرَائِطِ هَذَا الْكِتَابِ حَدِيثُ بُرَيْدَةَ بِغَيْرِ هَذَا اللَّفْظِ وَسَاقَهُ». انْتَهَى.
وَعُمُومًا: مَنْ دَخَلَ السُّوقَ اسْتُحِبَّ لَهُ هَذَا الذِّكْرُ؛ لِأَنَّ ضَعْفَهُ لَيْسَ شَدِيدًا وَقَدْ حُسِّنَ، وَلِأَنَّ الحَدِيثَ فِي فَضَائِلِ الأَعْمَالِ.
قَالَ ابْنُ تَيْمِيَّةَ: فَإِذَا تَضَمَّنَتْ أَحَادِيثُ الْفَضَائِلِ الضَّعِيفَةُ تَقْدِيرًا وَتَحْدِيدًا، مِثْلَ صَلَاةٍ فِي وَقْتٍ مُعَيَّنٍ بِقِرَاءَةِ مُعَيَّنَةٍ أَوْ عَلَى صِفَةٍ مُعَيَّنَةٍ لَمْ يَجُزْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ اسْتِحْبَابَ هَذَا الْوَصْفِ الْمُعَيَّنِ لَمْ يَثْبُتْ بِدَلِيلِ شَرْعِيٍّ، بِخِلَافِ مَا لَوْ رُوِيَ فِيهِ: مَنْ دَخَلَ السُّوقَ فَقَالَ: لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، كَانَ لَهُ كَذَا وَكَذَا، فَإِنَّ ذِكْرَ اللَّهِ فِي السُّوقِ مُسْتَحَبٌّ لِمَا فِيهِ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ بَيْنَ الْغَافِلِينَ.