عدد الزوار 172 التاريخ Wednesday, August 25, 2021 8:03 AM
فَأَجَابَ: اللَّهُ الَّذِي أَنْزَلَ الدَّاءَ، وَأَنْزَلَ الدَّوَاءَ، وَمَا مِنْ بَلَاءٍ إِلَّا وَقَدْ جَعَلَ اللَّهُ لَهُ شِفَاءً؛ فَالتَّدَاوِي مَشْرُوعٌ، وَلَا يَتَعَارَضُ مَعَ التَّوَكُّلِ عَلَى اللَّهِ، وَالرِّضَا بِالْقَضَاءِ، إِذَا اعْتَقَدَ الْعَبْدُ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى هُوَ الشَّافِي، وَهُوَ خَالِقُ الْأَسْبَابِ وَالْمُسَبَّبَاتِ، فَالنَّتَائِجُ مُتَرَتِّبَةٌ عَلَى مَشِيئَتِهِ - جَلَّ وَعَلَا -، فَاللَّهُ سَابِقٌ فِي عِلْمِهِ الْأَسْبَابَ وَالْمُسَبَّبَاتِ، وَهُوَ خَلَقَهَا وَقَضَاهَا وَقَدَّرَهَا وَكَتَبَهَا عِنْدَهُ.
وَالْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّ التَّدَاوِيَ مَا بَيْنَ مُسْتَحَبٍّ وَجَائِزٍ، وَأَوْجَبَهُ بَعْضُهُمْ: إِذَا خَافَ التَّلَفَ وَعَلِمَ دَوَاءَ الدَّاءِ، وَذَهَبَ بَعْضُ الْحَنَابِلَةِ إِلَى أَنَّ تَرْكَ الْعِلَاجِ مَعَ الصَّبْرِ أَفْضَلُ.
وَالرَّاجِحُ - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - أَنَّ التَّدَاوِيَ الشَّرْعِيَّ بِالطِّبِّ الْإِلَهِيِّ وَالنَّبَوِيِّ، وَمِنْ ذَلِكَ الرُّقْيَةُ وَالْأَذْكَارُ وَالْأَدْعِيَةُ، وَالتَّدَاوِيَ الْحِسِّيَّ وَالْمَعْنَوِيَّ النَّفْسِيَّ: أَفْضَلُ وَأَوْلَى.
فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قَالَ: (مَا أَنْزَلَ اللَّهُ دَاءً إِلَّا أَنْزَلَ لَهُ شِفَاءً). رَوَاهُ البُخَارِيُّ.
وَعَنْ جَابِرٍ، عَنْ رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، أَنَّهُ قَالَ: «لِكُلِّ دَاءٍ دَوَاءٌ، فَإِذَا أُصِيبَ دَوَاءُ الدَّاءِ، بَرِئَ بِإِذْنِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ». رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
وَعَنْ أَنَسٍ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قَالَ: "إِنَّ اللَّهَ - عَزَّ وَجَلَّ - حَيْثُ خَلَقَ الدَّاءَ خَلَقَ الدَّوَاءَ، فَتَدَاوَوْا". حَسَنٌ لِشَوَاهِدِهِ. قَالَ الهَيْثَمِيُّ: رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ، خَلَا عِمْرَانَ الْعَمِّيَّ، وَقَدْ وَثَّقَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَغَيْرُهُ، وَضَعَّفَهُ ابْنُ مَعِينٍ وَغَيْرُهُ.
وَعَنْ أُمِّ الدَّرْدَاءِ، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ الدَّاءَ وَالدَّوَاءَ، فَتَدَاوَوْا، وَلَا تَتَدَاوَوْا بِحَرَامٍ». قَالَ الهَيْثَمِيُّ: رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.
وعَنْ أُسَامَةَ بْنِ شَرِيكٍ، قَالَ: قَالَتِ الأَعْرَابُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَلَا نَتَدَاوَى؟ قَالَ: "نَعَمْ، يَا عِبَادَ اللَّهِ تَدَاوَوْا، فَإِنَّ اللَّهَ لَمْ يَضَعْ دَاءً إِلَّا وَضَعَ لَهُ شِفَاءً، أَوْ قَالَ: دَوَاءً، إِلَّا دَاءً وَاحِدًا". قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَا هُوَ؟ قَالَ: «الهَرَمُ». رَوَاهُ الخَمْسَةُ. قَالَ التِّرْمِذِيُّ: وَهَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ. وَقَالَ الحَاكِمُ: هَذَا حَدِيثٌ أَسَانِيدُهُ صَحِيحَةٌ كُلُّهَا عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ. وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ. وَقَالَ البُوصِيرِيُّ: هَذَا إِسْنَادٌ صَحِيحٌ، رِجَالُهُ ثِقَاتٌ.
وعَنْ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَرَأَيْتَ أَدْوِيَةً نَتَدَاوَى بِهَا، وَرُقًى نَسْتَرْقِي بِهَا، أَتَرُدُّ مِنْ قَدَرِ اللَّهِ؟ قَالَ: «إِنَّهَا مِنْ قَدَرِ اللَّهِ». رَوَاهُ الحَاكِمُ، وَقَالَ: هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ، «وَقَدْ رَوَاهُ يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ، وَعُمَرُ بْنُ الْحَارِثِ» بِإِسْنَادٍ آخَرَ وَهُوَ الْمَحْفُوظُ.
وَعَنْ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّهُ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَرَأَيْتَ دَوَاءً نَتَدَاوَى بِهِ، وَرُقًى نَسْتَرْقِي بِهَا، وَأَشْيَاءَ نَفْعَلُهَا، هَلْ تَرُدُّ مِنْ قَدَرِ اللَّهِ؟ قَالَ: "يَا كَعْبُ، بَلْ هِيَ مِنْ قَدَرِ اللهِ". رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ.
وَعَنْ أَبِي خِزَامَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَرَأَيْتَ رُقًى نَسْتَرْقِيهَا، وَدَوَاءً نَتَدَاوَى بِهِ، وَتُقَاةً نَتَّقِيهَا، هَلْ تَرُدُّ مِنْ قَدَرِ اللَّهِ شَيْئًا؟ قَالَ: «هِيَ مِنْ قَدَرِ اللَّهِ». رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ.
وَفِي صَحِيحِ ابْنِ حِبَّانَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ مَسْعُودٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قَالَ: "إِنَّ اللَّهَ لَمْ يُنْزِلْ دَاءً إِلَّا نَزَلَ مَعَهُ دَوَاءٌ، جَهِلَهُ مَنْ جَهِلَهُ، وَعَلِمَهُ مَنْ عَلِمَهُ". وَلَهُ شَوَاهِدُ تُقَوِّيهِ، وَقَالَ الهَيْثَمِيُّ: رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُ الطَّبَرَانِيِّ ثِقَاتٌ.
وَعَنْ رَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ، قَالَ: «عَادَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَجُلًا بِهِ جُرْحٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "ادْعُ لَهُ طَبِيبَ بَنِي فُلَانٍ". قَالَ: فَدَعَوْهُ فَجَاءَهُ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَيُغْنِي الدَّوَاءُ شَيْئًا؟ فَقَالَ: "سُبْحَانَ اللَّهِ! وَهَلْ أَنْزَلَ اللَّهُ - تَبَارَكَ وَتَعَالَى - مِنْ دَاءٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا جَعَلَ لَهُ شِفَاءً؟!». قَالَ الهَيْثَمِيُّ: رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.
وَاللهُ أَعْلَمُ.