عدد الزوار 144 التاريخ Wednesday, August 25, 2021 7:43 AM
فأجاب: فَضْلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ عَلَى النَّبِيِّ - ﷺ - يَحْصُلُ لِلْقَرِيبِ مِنْ قَبْرِهِ وَالبَعِيدِ مِنْهُ، وَخَصَّ بَعْضُهُمْ سَلَامَ الوَاقِفِ عِنْدَ قَبْرِهِ دَاخِلَ الحُجْرَةِ بِمَزِيَّةِ أَنَّهُ - ﷺ - يَرُدُّ عَلَيْهِ السَّلَامَ، وَأَنَّ ذَلِكَ يَحْصُلُ لِسَائِرِ مَوْتَى المُسْلِمِينَ، وَقَالَ آخَرُونَ: لَا مَزِيَّةَ بِالنِّسْبَةِ لِلنَّبِيِّ - ﷺ -؛ لِأَنَّهُ يُبَلَّغُ، فَعَنِ الحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - ﷺ -: (صَلُّوا عَلَيَّ وَسَلِّمُوا، فَإِنَّ صَلَاتَكُمْ وَسَلَامَكُمْ يَبْلُغُنِي أَيْنَمَا كُنْتُمْ). أَخْرَجَهُ أَبُو يَعْلَى، وَالضِّيَاءُ فِي المُخْتَارَةِ، وَهُوَ لَا يُخَرِّجُ إِلَّا الثَّابِتَ عِنْدَهُ.
وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ فِي سُنَنِهِ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنِي سَهْلُ بْنُ سُهَيْلٍ، قَالَ: رَآنِي الْحَسَنُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عِنْدَ الْقَبْرِ، فَنَادَانِي وَهُوَ فِي بَيْتِ فَاطِمَةَ يَتَعَشَّى، فَقَالَ: هَلُمَّ إِلَى الْعَشَاءِ، فَقُلْتُ: لَا أُرِيدُهُ، فَقَالَ: مَا لِي رَأَيْتُكَ عِنْدَ الْقَبْرِ؟ فَقُلْتُ: سَلَّمْتُ عَلَى النَّبِيِّ - ﷺ -، فَقَالَ: إِذَا دَخَلْتَ الْمَسْجِدَ فَسَلِّمْ، ثُمَّ قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - ﷺ - قَالَ: (لَا تَتَّخِذُوا قَبْرِي عِيدًا، وَلَا تَتَّخِذُوا بُيُوتَكُمْ مَقَابِرَ، وَصَلُّوا عَلَيَّ فَإِنَّ صَلَاتَكُمْ تَبْلُغُنِي حَيْثُ مَا كُنْتُمْ، لَعَنَ اللَّهُ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى، اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ). مَا أَنْتُمْ وَمَنْ بَالْأَنْدَلُسِ إِلَّا سَوَاءٌ.
وَرَوَاهُ إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ القَاضِي فِي كِتَابِهِ: "فَضْلُ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - ﷺ -"، وَلَفْظُهُ: وَقَالَ: مَا لِي رَأَيْتُكَ وَقَفْتَ؟ قُلْتُ: وَقَفْتُ أُسَلِّمُ عَلَى النَّبِيِّ - ﷺ -، فَقَالَ: (إِذَا دَخَلْتَ المَسْجِدَ فَسَلِّمْ). وَذَكَرَ الحَدِيثَ، وَلَمْ يَذْكُرْ قَوْلَ الحَسَنِ.
وَرَوَى سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ بِسَنَدِهِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ مَوْلَى الْمُهْرِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - ﷺ -: (لَا تَتَّخِذُوا قَبْرِي عِيدًا، وَلَا بُيُوتَكُمْ قُبُورًا، وَصَلُّوا عَلَيَّ فَإِنَّ صَلَاتَكُمْ تَبْلُغُنِي).
قَالَ ابْنُ تَيْمِيَّةَ: فَهَذَانِ الْمُرْسَلَانِ مِنْ هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ الْمُخْتَلِفَيْنِ يَدُلَّانِ عَلَى ثُبُوتِ الْحَدِيثِ، لَا سِيَّمَا وَقَدِ احْتَجَّ بِهِ مَنْ أَرْسَلَهُ، وَذَلِكَ يَقْتَضِي ثُبُوتَهُ عِنْدَهُ، هَذَا لَوْ لَمْ يُرْوَ مِنْ وُجُوهٍ مُسْنَدَةٍ غَيْرِ هَذَيْنِ، فَكَيْفَ وَقَدْ تَقَدَّمَ مُسْنَدًا؟!
وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الهَادِي: "مَرَاسِيلُ مِنْ وُجُوهٍ مُخْتَلِفَةٍ يُصَدِّقُ بَعْضُهَا بَعْضًا". انتهى.
وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ يَرْفَعُهُ: (مَنْ صَلَّى عَلَيَّ عِنْدَ قَبْرِي سَمِعْتُهُ، وَمَنْ صَلَّى عَلَيَّ نَائِيًا بُلِّغْتُهُ). رَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَالبَيْهَقِيُّ؛ فَهُوَ حَدِيثٌ لَا يَصِحُّ، وَقَدْ بَيَّنَ ذَلِكَ ابْنُ تَيْمِيَّةَ، وَابْنُ عَبْدِ الهَادِي، وَغَيْرُهُمَا.