عدد الزوار 250 التاريخ 01/01/2021
فأجاب: المَرْأَةُ الَّتِي لَا يَنْقَطِعُ عَنْهَا الدَّمُ مُسْتَحَاضَةٌ، وَقَدْ أَرْشَدَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - المُسْتَحَاضَةَ إِلَى أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهَا الغُسْلُ لِلْحَيْضِ، ثُمَّ الوُضُوءُ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ، وَهُوَ قَوْلُ الجُمْهُورِ، أَوْ لِوَقْتِ كُلِّ صَلَاةٍ، وَهُوَ قَوْلُ الحَنَفِيَّةِ، وَتَتَحَفَّظُ وَتَغْسِلُ الدَّمَ، وَأَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لَهَا الاغْتِسَالُ لِكُلِّ صَلَاةٍ، أَوْ تَجْمَعُ الصَّلَاتَيْنِ المَجْمُوعَتَيْنِ، وَتَغْتَسِلُ لَهُمَا غُسْلًا وَاحِدًا، وَتَغْتَسِلُ لِصَلَاةِ الصُّبْحِ، فَقَدْ رَوَى البُخَارِيُّ عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا: «أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ أَبِي حُبَيْشٍ كَانَتْ تُسْتَحَاضُ، فَسَأَلَتْ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: ذَلِكَ عِرْقٌ وَلَيْسَتْ بِالْحَيْضَةِ، فَإِذَا أَقْبَلَتْ الْحَيْضَةُ فَدَعِي الصَّلَاةَ، وَإِذَا أَدْبَرَتْ فَاغْتَسِلِي وَصَلِّي». رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ. وَفِي رِوَايَةٍ: «فَإِذَا أَقْبَلَتْ حَيْضَتُكِ فَدَعِي الصَّلَاةَ، وَإِذَا أَدْبَرَتْ فَاغْسِلِي عَنْكِ الدَّمَ ثُمَّ صَلِّي». قَالَ - هِشَامٌ -: وَقَالَ أَبِي: "ثُمَّ تَوَضَّئِي لِكُلِّ صَلَاةٍ" حَتَّى يَجِيءَ ذَلِكَ الوَقْتُ.
وَعَنْ عَائِشَةَ: «أَنَّ أُمَّ حَبِيبَةَ بِنْتَ جَحْشٍ الَّتِي كَانَتْ تَحْتَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ شَكَتْ إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الدَّمَ، فَقَالَ لَهَا: اُمْكُثِي قَدْرَ مَا كَانَتْ تَحْبِسُكِ حَيْضَتُكِ ثُمَّ اغْتَسِلِي، فَكَانَتْ تَغْتَسِلُ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ». رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَرَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالنَّسَائِيُّ، وَلَفْظُهُمَا، قَالَ: "فَلْتَنْتَظِرْ قَدْرَ قُرُوئِهَا الَّتِي كَانَتْ تَحِيضُ، فَلْتَتْرُكْ الصَّلَاةَ، ثُمَّ لِتَنْظُرْ مَا بَعْدَ ذَلِكَ، فَلْتَغْتَسِلْ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ وَتُصَلِّي». قَالَ الشَّافِعِيُّ، وَسُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، وَغَيْرُهُمْ: إنَّمَا أَمَرَهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ تَغْتَسِلَ وَتُصَلِّيَ، وَلَمْ يَأْمُرْهَا بِالِاغْتِسَالِ لِكُلِّ صَلَاةٍ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَلَا أَشُكُّ أَنَّ غُسْلَهَا كَانَ تَطَوُّعًا غَيْرَ مَا أُمِرَتْ بِهِ. وَقَالَ الإِمَامُ أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ: "إِنِ اغْتَسَلَتْ لِكُلِّ صَلَاةٍ فَهُوَ أَحْوَطُ".
وَثَبَتَ عَنْ حَمْنَةَ بِنْتِ جَحْشٍ، قَالَتْ: "أَتَيْتُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – أَسْتَفْتِيهِ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّي أُسْتَحَاضُ حَيْضَةً كَثِيرَةً شَدِيدَةً، فَمَا تَأْمُرنِي فِيهَا؟ قَالَ: أَنعَتُ لَكِ الكُرْسُفَ؛ فَإِنَّهُ يُذْهِبُ الدَّمَ، قَالَتْ: هُوَ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ؟ قَالَ: فَتَلَجَّمِي، قَالَتْ: هُوَ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ، قَالَ: فَاتَّخِذِي ثَوْبًا، قَالَتْ: هُوَ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ، إِنَّمَا أَثُجُّ ثَجًّا، فَقَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: سَآمُرُكِ بِأَمْرَيْنِ، أَيَّهُمَا صَنَعْتِ أَجْزَأَ عَنْكِ، فَإِنْ قَوِيتِ عَلَيْهِمَا فَأَنْتِ أَعْلَمُ، فَقَالَ: إِنَّمَا هِيَ رَكْضَةٌ مِنَ الشَّيْطَانِ، فَتَحَيَّضِي سِتَّةَ أَيَّامٍ أَوْ سَبْعَةَ أَيَّامٍ فِي عِلْمِ اللهِ، ثمَّ اغْتَسِلِي، فَإِنْ قَوِيتِ عَلَى أَنْ تُؤَخِّرِي الظُّهْرَ وَتُعَجِّلِي الْعَصْرَ، فَتَغْتَسِلِينَ وَتُصَلِّينَ الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ جَمِيعًا، ثُمَّ تُؤَخِّرِينَ الْمَغْرِبَ وَتُعَجِّلِينَ الْعِشَاءَ، ثُمَّ تَغْتَسِلِينَ وَتَجْمَعِينَ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ فَافْعَلِي، وَتَغْتَسِلِينَ مَعَ الصُّبْحِ وَتُصَلِّينَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: وَهُوَ أَعْجَبُ الْأَمريْنِ إِلَيَّ". رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَهَذَا لَفْظُهُ، وَصَحَّحَهُ، وَكَذَلِكَ صَحَّحَهُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَابْنُ العَرَبِيِّ، وَحَسَّنَهُ البُخَارِيُّ، وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيَّ: "تَفَرَّدَ بِهِ ابْنُ عَقِيلٍ وَلَيْسَ بِقَوِيٍّ". وَلِلْبَيْهَقِيِّ نَحْوُهُ.
قَالَ مُقَيِّدُهُ: لَكِنَّ ابْنَ عَقِيلٍ حَسَنُ الحَدِيثِ. وَتَضْعِيفُ ابْنِ مَنْدَهْ وَابْنِ حَزْمٍ لِلْحَدِيثِ مَرْجُوحٌ. وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ: قَدْ تَرَكَ الْعُلَمَاءُ الْقَوْلَ بِهَذَا الْحَدِيثِ. وَفِي مَا قَالَ نَظَرٌ؛ بَلْ قَالُوا بِهِ. وَاللهُ أَعْلَمُ.