عدد الزوار 137 التاريخ 01/01/2021
فأجاب: ثَبَتَ ذَلِكَ عَنْ بَعْضِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ؛ رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عَائِشَةَ، وَعَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ، وَعَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو، وَابْنِ عُمَرَ، وَعَنْ كَعْبِ الأَحْبَارِ، وَمُجَاهِدٍ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الأَسْوَدِ، وَحُكِيَ عَنْ بَعْضِ السَّلَفِ العَمَلُ بِالأَرْبَعِ رَكَعَاتٍ بَعْدَ العِشَاءِ، ذَكَرَهَا ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي «مُصَنَّفِهِ»، وَكَذَلِكَ المَرْوَزِيُّ فِي «قِيَامِ اللَّيْلِ»، وَالبَيْهَقِيُّ فِي «السُّنَنِ الكُبْرَى»، وَغَيْرُهُمْ.
وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا -، قَالَ: "بِتُّ فِي بَيْتِ خَالَتِي مَيْمُونَةَ بِنْتِ الحَارِثِ، زَوْجِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَكَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عِنْدَهَا فِي لَيْلَتِهَا، فَصَلَّى النَّبِيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - العِشَاءَ، ثُمَّ جَاءَ إِلَى مَنْزِلِهِ، فَصَلَّى أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ، ثُمَّ نَامَ، ثُمَّ قَامَ، ثُمَّ قَالَ: نَامَ الغُلَيِّمُ؟ أَوْ كَلِمَةً تُشْبِهُهَا، ثُمَّ قَامَ، فَقُمْتُ عَنْ يَسَارِهِ، فَجَعَلَنِي عَنْ يَمِينِهِ، فَصَلَّى خَمْسَ رَكَعَاتٍ، ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ نَامَ، حَتَّى سَمِعْتُ غَطِيطَهُ أَوْ خَطِيطَهُ، ثُمَّ خَرَجَ إِلَى الصَّلاَةِ". رواه البخاري.
وعَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا -، قَالَتْ: (مَا صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْعِشَاءَ قَطُّ فَدَخَلَ عَلَيَّ، إِلَّا صَلَّى أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ، أَوْ سِتَّ رَكَعَاتٍ). رواه أبو داود.
وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، قَالَ: (كَانَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِذَا صَلَّى الْعِشَاءَ رَكَعَ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ، وَأَوْتَرَ بِسَجْدَةٍ، ثُمَّ نَامَ حَتَّى يُصَلِّيَ بَعْدَ صَلَاتِهِ بِاللَّيْلِ). رواه أحمد. وَهَذَانِ الحَدِيثَانِ ضَعِيفَانِ.
- وَأَمَّا الأَحَادِيثُ المَرْفُوعَةُ الوَارِدَةُ فِي أَنَّ أَرْبَعًا بَعْدَ الظُّهْرِ أَوْ بَعْدَ العِشَاءِ، تَعْدِلُ مِثْلَهُنَّ فِي لَيْلَةِ القَدْرِ؛ فَلَا تَصِحُّ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، رُوِيَ ذَلِكَ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَأَنَسٍ، وَالبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ؛ رَوَاهَا الطَّبَرَانِيُّ وَغَيْرُهُ.
وَقَدْ حَكَمَ بَعْضُ العُلَمَاءِ لِهَذِهِ الآثَارِ بِحُكْمِ الرَّفْعِ إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؛ لِأَنَّهُ لَا يُقَالُ مِثْلُهَا بِالرَّأْيِ.
وَالَّذِي يَظْهَرُ لِي أَنَّ أَرْبَعًا بَعْدَ العِشَاءِ أَوْ بَعْدَ الظُّهْرِ، وَإِنْ قُلْنَا بِاسْتِحْبَابِهَا، إِلَّا أَنَّهَا لَا تَأْخُذُ حُكْمَ المَرْفُوعِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ الفَضْلَ لَوْ حَمَلْنَاهُ عَلَى حَقِيقَتِهِ؛ لَكَانَتِ الهِمَمُ تَدْعُو إِلَى نَقْلِهِ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَاللهُ أَعْلَمُ.