ما هي الوسائل المعينة للداعي إلى الله؟ وهل تختص الدعوة بأناس معينين؟
عدد الزوار
150
التاريخ
01/01/2021
السؤال :
هذا السائل طالب من الجامعة، يقول في سؤاله الذي كتبه باختصار، يقول: سماحة الشيخ، ما هي السبل المعينة للداعي إلى الله -عزّ وجلّ-؟ وهل الدعوة خاصة بأناس معينين؟ حيث إنني أريد أن أدعو إلى الله بحكمة وبصيرة، ولكن معرفتي بالأمور الشرعية قليلة جدًا؟
الإجابة :
الدعوة إلى الله سبحانه منهج الرسل عليهم الصلاة والسلام، فإن الله بعثهم دعاة إلى الحق، وهداة للخلق، بما أوحى إليهم سبحانه وتعالى، وعلى رأسهم خاتمهم وإمامهم نبينا محمد -عليه الصلاة والسلام-، فقد قال الله له: ﴿ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ﴾[النحل: 125]، وقال سبحانه: ﴿قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ﴾[يوسف: 108]، وسبل الدعوة هي توجيه الناس إلى الخير بالخطابة والموعظة والكتابة، والمشافهة الخاصة، ومن طريق الهاتف، ومن أي طريق يوصل به الداعي الحق إلى المدعوين، ليس لذلك حد محدود، متى أمكن الداعي إلى الله -جلّ وعلا-، أي طريق، يوصل به الحق، مما أباحه الله وشرعه الله، فعل ذلك؛ لأن المقصود هو إيصال الحق إلى الناس، والحرص على هدايتهم، وعلى قبوهم للحق، من طريق الآيات القرآنية والأحاديث النبوية، فهو يعظهم بآيات الله، ويتلو عليهم كتاب الله، ويتلو عليهم السنة، ويفهمهم في المعنى، حسب الطاقة، ولكن ليس له أن يدعو إلا على علم وبصيرة، الذي ليس عنده علم، ليس له أن يدعو على جهالة: ﴿قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ﴾[يوسف: 108]، المعنى على علم، الجاهل ليس له أن يدعو حتى يتعلم، فإذا تعلم وكان على بصيرة دعا غيره على حسب ما عنده من العلم والبصيرة، أما الجهالة، فلا يجوز له أن يدعو وهو جاهل، بل ذلك محرم، قال الله سبحانه: ﴿قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ﴾[الأعراف: 33]، فجعل القول بغير علم فوق مرتبة الشرك، نسأل الله العافية، وقال في وصف الشيطان: ﴿إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاءِ وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ﴾[البقرة: 169]، فالواجب على الدعاة إلى الله سبحانه، أن يكونوا على بصيرة على علم، وأن يتوخوا الطرق والسبل الطيبة الجائزة التي توصل الحق إلى المدعوين، وتوضحه لهم، تلاوة وكتابة، وغير ذلك مما يتيسر به إيصال الحق إليهم، وللداعي مثل أجر من هداه على يديه، مثل ما قال -صلى الله عليه وسلم-: «من دل على خير فله مثل أجر فاعله»، «فمن دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئاً»، والناس بحاجة إلى الدعوة، بل في ضرورة إلى الدعوة، في كل زمان، ولكن بعض الناس أشد حاجة من بعض، في المدن والقرى، فالذين عندهم علماء، وعندهم موجهون، حاجتهم أقل من حاجة الذين ليس عندهم أحد، فعلى العلماء أينما كانوا أن يوجهوا الناس، ويرشدوا الناس إلى الحق، ويبصروهم بدين الله -عزّ وجلّ-، ولهم مثل أجور من هداهم الله على أيديهم، وعليهم أن يتوجهوا إلى البلدان والقرى التي ليس فيها دعاة، حتى يقوموا بالواجب حسب طاقتهم، وهكذا أهل القبائل، قبائل العرب التي ليس فيها من يوجههم للخير، يجب على ولاة الأمور أن يوجهوا لهم الدعاة، حتى يبصروهم ويرشدوهم إلى الحق.
المصدر :
الشيخ ابن باز من فتاوى نور على الدرب(18/ 287- 290)