كيف يبدأ طالب العلم رحلته؟
عدد الزوار
121
التاريخ
01/01/2021
السؤال :
سئل فضيلة الشيخ -رحمه الله-: كثيرة الأسئلة عن كيفية الطلب، وبأي شيء يبدأ من أراد أن يطلب العلم، وبأي المتون يبدأ حفظًا، فما توجيهكم لهؤلاء الطلبة وجزاكم الله خيرًا؟
الإجابة :
أولاً وقبل أن أذكر التوجيه لهؤلاء الطلبة أوجه الطلبة أن يتلقوا العلم عن عالم؛ لأن تلقي العلم عن العالم فيه فائدتان عظيمتان:
الأولى: أنه أقرب تناولاً؛ لأن العالم عنده اطلاع وعنده معرفة ويعطيك العلم ناضجًا سهلاً.
الثانية: أن الطلب على عالم يكون أقرب إلى الصواب، بمعنى أن الذي يطلب العلم على غير عالم يكون له شطحات وآراء شاذة بعيدة عن الصواب، وذلك لأنه لم يقرأ على عالم راسخ في علمه حتى يربيه على طريقته التي يختارها.
فالذي أرى أن يحرص الإنسان على أن يكون له شيخ يلازمه لطلب العلم، لأنه إذا كان له شيخ فإنه سوف يوجهه التوجيه الذي يرى أنه مناسب له.
أما بالنسبة للجواب على سبيل العموم فإننا نقول:
أولاً: الأولى أن يحفظ الإنسان كتاب الله تعالى قبل كل شيء؛ لأن هذا هو دأب الصحابة -رضي الله عنه- كانوا لا يتجاوزون عشر آيات حتى يتعلموها وما فيها من العلم والعمل، وكلام الله أشرف الكلام على الإطلاق.
ثانياً: يأخذ من متون الأحاديث المختصرة ما يكون ذخراً له في الاستدلال بالسنة مثل: عمدة الأحكام، وبلوغ المرام، والأربعين النووية وما أشبه ذلك.
ثالثاً: يحفظ من متون الفقه ما يناسبه ومن أحسن المتون التي نعلمها (زاد المستقنع في اختصار المقنع)؛ لأن هذا الكتاب قد خدم من قبل شارحه منصور بن يونس البهوتي -رحمه الله- ومن قبلِ من بعده ممن خدموا هذا الشرح والمتن بالحواشي الكثيرة.
رابعاً: النحو وما أدراك ما النحو الذي لا يعرفه من الطلبة إلا القليل حتى إنك لترى الرجل قد تخرج من الكلية وهو لا يعرف عن النحو شيئًا يتمثل بقول الشاعر:
لا بارك الله في النحو ولا أهله إذا كان منسوباً إلى نفطويه
أحرقه الله بنصف اسمه وجعل الباقي صراخاً عليه
ولماذا قال الشاعر هذا الكلام؟
لأنه عجز عن النحو، ولكن أقول: إن النحو بابه من حديد، ودهاليزه قصب، يعني: أنه شديد وصعب عند أول الدخول فيه، ولكنه إذا انفتح الباب لطالبه سهل عليه الباقي بكل يسر وصار سهلاً عليه، حتى إن بعض طلبة العلم الذين بدؤوا في النحو صاروا يعشقونه فإذا خاطبتهم بخطاب عادي جعل يعربه ليتمرن على الإعراب، ومن أحسن متون النحو الأجرومية، كتاب مختصر مركز غاية التركيز، ولهذا أنصح من يبدأ أن يبدأ به فهذه الأصول التي ينبغي أن يبني عليها طالب العلم.
خامسًا: أما ما يتعلق بعلم التوحيد فالكتب في هذا كثيرة منها: (كتاب التوحيد) لشيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب -رحمه الله-، ومنها: العقيدة الواسطية لشيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-، وهي كثيرة معروفة ولله الحمد.
والنصيحة العامة لطالب العلم أن يكون عليه أثار علمه من تقوى الله -عزّ وجلّ- والقيام بطاعته، وحسن الخلق، والإحسان إلى الخلق بالتعليم والتوجيه، والحرص على نشر العلم بجميع الوسائل سواء كان ذلك عن طريق الصحف، أو المجلات، أو الكتب أو الوسائل أو النشرات وغير ذلك من الوسائل.
وأنصح طالب العلم أيضاً ألا يتسرع في الحكم على الشيء؛ لأن بعض طلبة العلم المبتدئين تجده يتسرع في الإفتاء، وفي الأحكام وربما يخطئ العلماء الكبار وهو دونهم بكثير، حتى إن بعض الناس يقول: ناظرت شخصاً من طلبة العلم المبتدئين فقلت له: إن هذا قول الإمام أحمد بن حنبل. فقال: (وما الإمام أحمد بن حنبل، الإمام أحمد بن حنبل رجل ونحن رجال) سبحان الله!! صحيح أن الإمام أحمد -رحمه الله- رجل وأنت رجل، فأنتما مستويان في الذكورة، أما في العلم فبينكما فرق عظيم، وليس كل رجل رجلاً بالنسبة للعلم.
وأقول: إن على طالب العلم أن يكون متأدبًا بالتواضع وعدم الإعجاب بالنفس وأن يعرف قدر نفسه.
ومن المهم لطالب العلم المبتدئ: ألا يكون كثير المراجعة لأقوال العلماء، لأنك إذا أكثرت مراجعتك لأقوال العلماء وجعلت تطالع المغني في الفقه لابن قدامة، والمجموع للنووي والكتب الكبيرة التي تذكر الخلاف وتناقشه فإنك تضيع.
ابدأ أولاً كما قلنا بالمتون المختصرة شيئَا فشيئَا حتى تصل إلى الغاية، وأما أن تريد أن تصعد الشجرة من فروعها فهذا خطأ.
المصدر :
مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين(26/190)