بيان معنى قوله تعالى : (أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم وأنتم تتلون الكتاب أفلا تعقلون )
عدد الزوار
142
التاريخ
01/01/2021
السؤال :
السؤال الثاني من الفتوى رقم(18424)
ما هو تفسير الآية التالية: ﴿أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ﴾[البقرة: 44] ؟
الإجابة :
هذه الآية في بني إسرائيل كما دل عليه ما قبلها، فالخطاب فيها لهم، وقد وبخهم الله تعالى فيها على اعوجاج سيرتهم وفساد عملهم، فإن اليهود كانوا يزعمون الإيمان بالتوراة والعمل بها، ولذا كانوا يدعون إلى ما فيها من بر وخير ووجوب طاعة الله تعالى وترك معصيته، وهم مع هذا قد تنكبوا هديها، وزاد القرآن من توبيخهم بنسبتهم إلى النسيان للمبالغة في عدم مبالاتهم وغفلتهم، فإن الإنسان من شأنه أن لا ينسى نفسه من الخير ولا يحب أن يسبقه أحد إليه، وهم لو اتبعوا هدي التوراة لآمنوا بمحمد -صلى الله عليه وسلم-؛ لأنه مكتوب عندهم فيها ومبشر به، لكنهم انسلخوا من تلك الآيات حسدا وتكبرا وصرفوا وبدلوا، مع أنهم يعرفونه -صلى الله عليه وسلم- مما عندهم من العلم كما يعرفون أبناءهم.
ويذكر أن الآية نزلت في أحبار اليهود، كانوا يأمرون من نصحوه سرا بالإيمان بنبينا -صلى الله عليه وسلم- ولا يؤمنون به، فكانوا يأمرون الناس بالبر وينسون أنفسهم.
ومعنى قوله تعالى: ﴿وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ﴾[البقرة: 44] أي: تعرفون منه ما لا يعرفه من تأمرونه باتباعه، والفرق عظيم بين من يفعل وينقصه العلم بفوائد ما يفعل، ومن يترك وهو عالم بمزايا ما يترك.
ومعنى قوله: أفلا تعقلون أي: أفلا عقل لكم يحبسكم عن هذا السفه، ويحذركم وخامة عاقبته، فإن من عنده أدنى عقل لا يدعي كمال العلم بالكتاب ويقوم بالإرشاد إلى هديه، ويبين للناس سبيل السعادة باتباعه، ثم هو لا يعمل به ولا يستمسك بأوامره ونواهيه.
وهذا الخطاب وإن كان موجها لليهود فهو عبرة وموعظة لغيرهم، فليحذر كل أحد من أن يكون حاله كحال أولئك.
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
المصدر :
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء(3/147 ـ 149)المجموعة الثانية
بكر أبو زيد ... عضو
صالح الفوزان ... عضو
عبد العزيز آل الشيخ ... نائب الرئيس
عبد العزيز بن عبد الله بن باز ... الرئيس