بيان معنى قوله تعالى: (فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون )
عدد الزوار
87
التاريخ
01/01/2021
السؤال :
فتوى رقم(4436)
صار نقاش في تفسير الآية: ﴿فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾[النحل: 43] فمنا من قال: هي عامة في أمور الدنيا والدين، ومنا من قال: هي خاصة في أمور الدين من كل فرائضه وسننه فقط.
نرجو توضيح الجواب وجزاكم الله خيرا.
الإجابة :
يطلق الذِّكر على القرآن، كما في قوله تعالى: ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ [الحجر: 9] وفي قوله: ﴿وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ﴾[النحل: 44] ويطلق على اللوح المحفوظ، كما في قوله: ﴿وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ﴾[الأنبياء: 105] فالزبور: الكتب السماوية. والذكر: هو اللوح المحفوظ، فحكم الله تعالى قدرا وشرعا بأن الصالحين هم الذين ينصرون في الدنيا والآخرة، فلهم السعادة في الدنيا، والفوز بسكنى جنات النعيم في الآخرة، ويطلق الذكر على الشرف والرفعة، وعلى ذكر الناس لربهم وذكر الله لهم، إلى غير ذلك من المعاني التي تبين لمن تتبع آيات القرآن ولغة العرب، لكن المراد بالذكر في قوله تعالى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ* بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ﴾[النحل: 43-44] ، وفي قوله: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ * وَمَا جَعَلْنَاهُمْ جَسَدًا لَا يَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَمَا كَانُوا خَالِدِينَ* ثُمَّ صَدَقْنَاهُمُ الْوَعْدَ فَأَنْجَيْنَاهُمْ وَمَنْ نَشَاءُ وَأَهْلَكْنَا الْمُسْرِفِينَ﴾[الأنبياء: 7-9] المراد في الآيتين: الكتب المنزلة على الرسل قبل نبينا محمد،-صلى الله عليه وسلم-.
وأهل الذكر: من نزلت تلك الكتب على رسلهم كاليهود والنصارى، والمأمور بسؤالهم: المشركون من أمة محمد-صلى الله عليه وسلم- الذين أنكروا أن يكون محمد-صلى الله عليه وسلم-رسولا؛ لكونه من البشر، والرسل إنما تكون من الملائكة، ليبين لهم أهل الذكر من اليهود والنصارى أن من سبقه من الرسل إنما كانوا من البشر لا الملائكة، غير أن هاتين الآيتين وإن نزلتا في أمر أولئك المشركين أن يسألوا أهل الكتب السابقة عن رسلهم ليتبين لهم أنهم من البشر، فهما دالتان على أمر كل من يجهل شيئا ينفعه أن يسأل عنه أهل العلم به؛ ليستفيد ما يعود عليه بالخير وينهض به في دينه ودنياه، فيدخل في ذلك شؤون الدين أولا، وما يحتاجه من شؤون دنياه التي لها تعلق بالدين، فإن المكلف مأمور أن يعمل لدينه ودنياه.
وبالله التوفيق. وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم.
المصدر :
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء(4/242- 244)
عبد الله بن قعود ... عضو
عبد الله بن غديان ... عضو
عبد الرزاق عفيفي ... نائب رئيس اللجنة
عبد العزيز بن عبد الله بن باز ... الرئيس