قال تعالى: (ويسألونك عن الروح ..) فما الفرق بين الروح والنفس ؟
عدد الزوار
93
التاريخ
01/01/2021
السؤال :
ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلا
عامر جودي حربي من العراق بغداد يقول من خلال قراءتي للقرآن الكريم وتكراره تبين لي أنه قد ورد ذكر النفس بكثرة في عدة سورٍ من القرآن بينما ذكر الروح لم يكن بتلك الكثرة والروح التي يراد بها روح الإنسان لم ترد إلا مرةً واحدة في قوله تعالى ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنْ الرُّوحِ قُلْ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنْ الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً﴾[الإسراء: 85] فهل هناك فرق بين الروح والنفس وما هو؟
الإجابة :
الروح في الغالب تطلق على ما به حياة سواءٌ كان ذلك حساً أو معنى فالقرآن يسمى روحاً؛ لقوله تعالى: ﴿وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنَا﴾[الشورى: 52] لأن به حياة القلوب بالعلم والإيمان والروح التي يحيا بها البدن تسمى روحاً كما في الآية التي ذكرها السائل ﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ الرُّوحِ قُلْ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي﴾[الإسراء: 85] ، أما النفس فتطلق على ما تطلق عليه الروح كثيراً كما في قوله تعالى: ﴿اللَّهُ يَتَوَفَّى الأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى﴾[الزمر: 42] وقد تطلق النفس على الإنسان نفسه، فيقال مثلاً: هذا جاء فلان نفسه وكلمني نفس فلان وما أشبه ذلك فتكون بمعنى الذات فهما يفترقان أحياناً ويتفقان أحياناً بحسب السياق وينبغي من هذا أن يعلم أن الكلمات إنما يتحدد معناها بسياقها فقد تكون الكلمة الواحدة لها معنىً في سياق ومعنىً آخر في سياق، فالقرية مثلاً: تطلق أحياناً على نفس المساكن وتطلق أحياناً على الساكن نفسه ففي قوله تعالى عن الملائكة الذين جاؤوا إبراهيم: ﴿إِنَّا مُهْلِكُو أَهْلِ هَذِهِ الْقَرْيَةِ﴾[العنكبوت: 31] المراد بالقرية هنا المساكن وفي قوله تعالى: ﴿وَإِنْ مِنْ قَرْيَةٍ إِلاَّ نَحْنُ مُهْلِكُوهَا قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ أَوْ مُعَذِّبُوهَا عَذَاباً شَدِيداً﴾[الإسراء: 58] المراد بها الساكن وفي قوله تعالى: ﴿أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا﴾[البقرة: 259] المراد بها المساكن وفي قوله ﴿وَاسْأَلْ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيهَا﴾[يوسف: 82] المراد بها الساكن، فالمهم أن الكلمات إنما يتحدد معناها بسياقها وبحسب ما تضاف إليه وبهذه القاعدة المهمة المفيدة يتبين لنا رجحان ما ذهب إليه كثيرٌ من أهل العلم من أن القرآن الكريم ليس فيه مجاز وأن جميع الكلمات التي في القرآن كلها حقيقة لأن الحقيقة هي التي يدل عليها سياق الكلام بأي صيغةٍ كان فإذا كان الأمر كذلك تبين لنا بطلان قول من يقول: إن في القرآن مجازاً وقد كتب في هذا أهل العلم وبينوه ومن أبين ما يجعل هذا القول صواباً أن من علامات المجاز صحة نفيه بمعنى أن تنفيه وتقول هذا ليس هذا وهذا لا يمكن أن يكون في القرآن فلا يمكن لأحدٍ أن ينفي شيئاً مما ذكره الله تعالى في القرآن.
المصدر :
الشيخ ابن عثيمين من فتاوى نور على الدرب