حكم إسبال الثياب لغير قصد الخيلاء وحكم من صلاة المسبل ثوبه؟
عدد الزوار
110
التاريخ
01/01/2021
السؤال :
هذه الرسالة وردت من صالح العبد الله محمد بريدة، يقول: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، السؤال الأول: ما حكم إسبال الثوب؟ وإذا كان الإنسان لا يقصد به إظهار الكبر بل كان شيئاً عادياً فما رأيكم في ذلك؟ وهل الصلاة فيه صحيحة أم لا؟ لأنني سمعت بعض الناس يقول: من صلى في ثوبٍ متعدي الكعبين فلا صلاة له. أفيدونا وفقكم الله.
الإجابة :
إسبال الثوب محرم إذا نزل أسفل الكعبين، ولكن إن كان الإنسان فعله خيلاء وجره على الأرض فإن عقوبته عظيمةٌ جداً؛ فإن الله تعالى لا يكلمه ولا ينظر إليه يوم القيامة ولا يزكيه وله عذابٌ عظيم كما في حديث أبي ذر الثابت في الصحيح أن النبي-صلى الله عليه وسلم-قال: «ثلاثةٌ لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم ولهم عذابٌ عظيم» قالها ثلاثاً، وأبو ذر يقول: خابوا وخسروا، من هم يا رسول الله؟ فقال النبي-صلى الله عليه وسلم-: «المسبل والمنان والمنفق سلعته بالحلف الكذب». وفي حديث ابن عمر: «من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه». فيكون حديث ابن عمر موافقاً لحديث أبي ذر، ويكون المسبل -أي خيلاء-، فإذا جر الإنسان ثوبه خيلاء فإن الله تعالى لا ينظر إليه يوم القيامة ولا يزكيه وله عذابٌ عظيم. أما إذا صنعه لغير الخيلاء وإنما هو للعادة فإن ما أسفل من الكعبين ففي النار، لما ثبت عن النبي-صلى الله عليه وسلم-: «ما أسفل من الكعبين فهو في النار». فيكون حراماً، لكن ليست له العقوبة التي يعاقب بها من جر ثوبه خيلاء؛ لأن هذا «ما أسفل من الكعبين فهو في النار» يكون التعذيب بالنار على ما نزل من الكعبين فقط، يكوى به ويعذب به في النار. ولا تعجب أن يكون العذاب بالنار بجزءٍ من البدن، فهذا ثابت في الحديث الصحيح حديث أبي هريرة: «ويلٌ للأعقاب من النار» في قومٍ توضئوا وقصروا في غسل أرجلهم، فنادى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-بأعلى صوته: «ويلٌ للأعقاب من النار، ويلٌ للأعقاب من النار». فهنا العقوبة على محل التقصير فقط وهي الأعقاب. كذلك ما أسفل الكعبين فهو في النار، العقوبة على ما حصل فيه التعدي، وهو ما تحت الكعبين فقط. على هذا نقول: ما نزل عن الكعبين من الثياب فهو حرامٌ سواء صنعه الإنسان خيلاء أو لعادةٍ بين الناس، وهذه العادة يجب أن يبتعد عنها؛ لأن العادة إذا خالفت الشرع فهي عادةٌ باطلة يجب على المرء أن يتجنبها. وأما بالنسبة لصحة الصلاة فإن هذه المسألة مبنية على أصل مختلفٍ فيه؛ وهو: هل من شرط صحة الصلاة أن يكون الساتر مباحاً أو لا؟ فمن العلماء من قال: إنه يشترط في الثوب الساتر أن يكون مباحاً، وأن الرجل إن صلى في ثوبٍ محرمٍ عليه بطلت صلاته.
وعلى هذا فإذا صلى في ثوبٍ خيلاء فصلاته باطلة. وهذا هو المشهور من مذهب الإمام أحمد -رحمه الله-، وفيه حديثٌ تكلم العلماء فيه من حيث الصحة، ومن العلماء من قال أن الموضوع أنه لا يشترط في الساتر أن يكون مباحاً، بل يحصل الستر بالثوب المحرم؛ لأن حقيقة الستر حصلت، وكون الثوب محرماً لا يمنع من الستر به، وإنما يأثم الإنسان به. وعلى هذا فتصح الصلاة بالثوب وإن كان خيلاء. وعلى كل حال يجب على المسلم ألا يكون نظره من زاويةٍ واحدة، أتصح الصلاة أو لا تصح، بل يجب أن ينظر من الناحيتين، فنقول: هذا ثوبٌ محرم، والواجب على المسلم أن يتجنبه في صلاته وغير صلاته. وهذا كما هو معروف بالنسبة للرجال، أما النساء فالمشروع في حقهن أن يسترن أقدامهن بثيابهن.
المصدر :
الشيخ ابن عثيمين من فتاوى نور على الدرب