ما الحكمة من ذكر المشرق والمغرب على سبيل الإفراد والتثنية والجمع ؟
عدد الزوار
99
التاريخ
01/01/2021
السؤال :
يقول السائل: قال الله تعالى في كتابه العزيز ﴿رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ﴾[الشعراء: 28] وقال في موضعٍ آخر ﴿رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ﴾[الرحمن: 17] وقال ﴿فَلا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ﴾[المعارج: 40] فما معنى هذه الآيات؟
الإجابة :
هذه الآيات كما سمعنا جميعاً ذكر بعضها بالإفراد وبعضها بالتثنية وبعضها بالجمع وقد يفهم الإنسان بادئ ذي بدء أن هناك تعارضاً بين هذه الآيات وأقول: إنه لا تعارض في القرآن الكريم أبداً فالقرآن الكريم لا يتعارض بعضه مع بعض ولا يتعارض مع ما صح عن النبي-صلى الله عليه وسلم-فإذا وجدت شيئاً متعارضاً فاطلب وجه الجمع بين هذه التي تظن أنها متعارضة فإن اهتديت إلى ذلك فذلك المطلوب وإن لم تهتد إليه فالواجب عليك أن تقول كما يقول الراسخون في العلم: ﴿آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا﴾[آل عمران: 7].
واعلم أنه إنما يتوهم التعارض بين القرآن أو بينه وبين ما صح عن النبي -صلى الله عليه وسلم-من كان قاصراً في العلم أو مقصراً في التدبر وإلا فإن الله يقول: ﴿أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً﴾[النساء: 82] وإنما قدمت هذه المقدمة لأجل أن تعم الفائدة أما الجواب على السؤال فنقول إن الإفراد في قوله تعالى ﴿الْمَشرِقِ وَالْمَغرِبِ﴾ يراد به الجنس وما أريد به الجنس فإنه لا ينافي التعدد، وأما قوله تعالى: ﴿رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ﴾[الرحمن: 17] فإن المراد بالمشرقين: ما يكون في الصيف وفي الشتاء يعني آخر مشرق للشمس في أيام الصيف وآخر مشرق للشمس في أيام الشتاء، يعني معناه مدار الشمس أو انتقال الشمس من مدار الجدي إلى مدار السرطان تكون في آخر هذا في أيام الصيف وفي آخر هذا في أيام الشتاء هذا أكبر دليل على قدرة الله عز وجل حيث ينقل هذا الجرم العظيم وهذه الشمس العظيمة ينقلها من أقصى الجنوب إلى أقصى الشمال وبالعكس وهذا من تمام قدرة الله عز وجل أن تنتقل من الشمال إلى الجنوب، فهذا معنى المشرقين أي: مشرقا الصيف والشتاء. وأما قوله: ﴿الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ﴾[المعارج: 40] بالجمع فقيل: إن المراد مشرق الشمس ومغربها كل يوم فإن لها في كل يوم مشرقاً ومغرباً غير المشرق والمغرب في اليوم الذي قبله أو اليوم الذي يليه والله تعالى على كل شيء قدير. وقيل المراد بالمشارق والمغارب: مشارق الشمس والنجوم والقمر، فإنها تختلف فيكون الجمع هنا باعتبار ما في السماء من الشمس والقمر والنجوم. وعلى كل حال: فالله تعالى رب هذا كله وهو المدبر سبحانه وتعالى والمتصرف فيه كما تقتضي حكمته.
المصدر :
الشيخ ابن عثيمين من فتاوى نور على الدرب