ما حقيقة ما جاء في القرآن عن : ( ود وسواع ويغوث ويعوق ونسر) ؟
عدد الزوار
2179
التاريخ
01/01/2021
السؤال :
السؤال الثالث من الفتوى رقم(19497)
يقول ابن عباس -رضي الله عنه- عن ود وسواع ويغوث ويعوق ونسر: إنها أسماء رجال صالحين من قوم نوح. . . إلى آخر كلامه.
كيف يكونون من قوم نوح وأصل رسالة نوح القيام على هذه الأصنام؟ ألا يكون هؤلاء أسماء رجال صالحين من قوم (آدم وإدريس) ، ثم لما ماتوا ونسي العلم قام قوم نوح بصنع الأصنام وعبادتها، وقام نوح بالإنكار عليهم؟ ثم كيف ينسى العلم في كلام ابن عباس ونوح ينكر عليهم ليلا ونهارا سرا وجهارا؟
الإجابة :
الذي عليه جمهور العلماء أن ودًا وسواعًا ويغوث ويعوق ونسرًا هي أصنام وصور رجال صالحين كان قوم نوح يعبدونها في زمان نوح، ثم عبدتها العرب بعد ذلك، وإلى ذلك ذهب ابن عباس -رضي الله عنهما- .
أما أصل وجود هؤلاء الصالحين أصحاب هذه الأسماء، فقد اختلف العلماء في ذلك:
القول الأول: قال ابن جرير: حدثنا ابن حميد حدثا مهران، عن سفيان، عن موسى، عن محمد بن قيس: ﴿وَيَعُوقَ وَنَسْرًا﴾[نوح: 23] قال: كانوا قومًا صالحين من بني آدم، وكان لهم أتباع يقتدون بهم، فلما ماتوا قال أصحابهم الذين يقتدون بهم لو صورناهم كان أشوق لنا إلى العبادة إذا ذكرناهم، فصوروهم فلما ماتوا وجاء آخرون دب إليهم إبليس فقال: إنما كانوا يعبدونهم وبهم يسقون المطر. فعبدوهم فابتدئ عبادة الأوثان من ذلك الوقت، فلما بعث الله نوحا بعد ذلك قالوا: لا تذرن آلهتكم ولا تذرن ودا ولا سواعا. . إلخ.
قال سفيان عن أبيه عن عكرمة -رضي الله عنه- قال: كان بين آدم ونوح عشرة قرون كلهم على الإسلام. انظر (تفسير الطبري ج 23 ص 639) ، و (تفسير القرطبي ج 9ص307- 308) ، و (تفسير ابن كثير ج 4ص 426) .
القول الثاني: المشهور عن ابن عباس-رضي الله عنهما- أن هذه الأصنام أسماء رجال صالحين من قوم نوح. روى، البخاري في (صحيحه) عن عطاء عن ابن عباس-رضي الله عنهما- قال: صارت الأوثان التي كانت في قوم نوح في العرب بعد، أما ود فكانت لكلب بدومة الجندل، وأما سواع فكانت لهذيل، وأما يغوث فكانت لمراد ثم لبني غطيف بالجرف عند سبأ، وأما يعوق فكانت لهمدان، وأما نسر فكانت لحمير لآل ذي الكلاع، وهي أسماء ورجال صالحين من قوم نوح عليه السلام، فلما هلكوا أوحى الشيطان إلى قومهم أن انصبوا إلى مجالسهم التي كانوا يجلسون فيها أنصابا وسموها بأسمائهم، ففعلوا فلم تعبد حتى إذا هلك أولئك ونسخ العلم عبدت. وروي نحو هذا عن عكرمة والضحاك وقتادة وابن إسحاق انظر (تفسير ابن كثير ج 4 ص 426) ، و (تفسير القرطبي ج 9 ص 308) .
وعلى هذا الرأي، فإن المراد بقول ابن عباس -رضي الله عنهما- : أن هذه الأصنام أسماء رجال صالحين من قوم نوح، أي: من القوم الذين بعث فيهم نوح، وأنهم على الإسلام قبل أن يبعث إليهم نوح عليه السلام، فلما هلكوا وصورهم قومهم لتذكرهم والاقتداء بهم، فلم يعبدوا حينئذ، فلما هلك أولئك ونسخ العلم من صدور الرجال عبدوهم، وفشا الشرك فيهم، فبعث الله لهم نوحًا عليه السلام لإنكار ذلك ودعوتهم إلى عبادة الله وحده.
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
المصدر :
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء(3/182- 184) المجموعة الثانية
بكر أبو زيد ... عضو
صالح الفوزان ... عضو
عبد العزيز آل الشيخ ... نائب الرئيس
عبد العزيز بن عبد الله بن باز ... الرئيس