هل يطهر جلد الميتة بالدباغ ؟
عدد الزوار
135
التاريخ
01/01/2021
السؤال :
سُئل فضيلة الشيخ: هل يطهر جلد الميتة بالدباغ؟
الإجابة :
هذا فيه خلاف بين أهل العلم.
فقال بعض العلماء: إن جلد الميتة لا يطهر بالدباغ، وعللوا ذلك بأن الميتة نجسة العين، ونجس العين لا يمكن تطهيره كروث الحمار، ولحديث عبد الله بن عكيم قال: «إن النبي -صلى الله عليه وسلم- كتب إلينا قبل أن يموت بشهر أو شهرين أن لا تنتفعوا من الميتة بإهاب ولا عصب». وقالوا: هذا الحديث ناسخ لحديث ميمونة -رضي الله عنها- الذي جاء فيه «أن النبي -صلى الله عليه وسلم- مرَّ بشاة يجرونها، فقال: هلا أخذتم إهابها؟ قالوا: إنها ميتة، قال: يطهرها الماء والقَرض». رواه مسلم.
وذهب بعض أهل العلم إلى أن جلد الميتة يطهر بالدباغ، واستدلوا بحديث ميمونة المتقدم، وهو حديث صحيح صريح في أن الجلد يطهر بالدبغ، وأجابوا عن دعوى النسخ بأجوبة منها:
أولاً: أن حديث عبد الله بن عُكيم ضعيف، فلا يمكن أن يقابل الحديث الصحيح الذي رواه مسلم.
ثانياً: أن من شروط القول بالنسخ، العلم بالتاريخ، ونحن لا ندري هل قضية الشاة في حديث ميمونة -رضي الله عنها- قبل أن يموت بشهر أو بأقل، أو أكثر، فلا يتحقق النسخ.
ثالثاً: أنه لو ثبت أن حديث عبد الله متأخر، فهو لا يعارض حديث ميمونة، لأن قوله: «لا تنتفعوا من الميتة بإهاب ولا عَصَب» يحمل على الإهاب قبل الدَّبغ، وبهذا يجمع بينه وبين حديث ميمونة ويتبين أن ادعاء النسخ لا يصح، فيبقى حديث ميمونة محكماً لا نسخ فيه.
فإن قال قائل: كيف يقال: إن كبد الميتة لو دبغت ما طهرت، والجلد لو دبغ لطهر، وكلها أجزاء ميتة، ونحن نعرف أن الشريعة الحكيمة لا يمكن أن تفرق بين متماثلين؟
قلنا: الجواب على هذا من وجهين:
الأول: أنه متى ثبت الفرق في الكتاب والسنة بين شيئين مشابهين، فاعلم أن هناك فرقاً في المعنى، ولكنك لم تتوصل إليه، لأن إحاطتك بحكمة الله -عز وجل- غير ممكنة، فموقفك التسليم.
الثاني: أن نقول: هناك فرق بين اللحم والجلد، فإن حلول الحياة فيما كان داخل الجلد، أشد من حلولها في الجلد نفسه، لأن الجلد فيه نوع صلابة بخلاف اللحم، وما كان داخله فإنه ليس مثله، فلا يكون فيه الخبث الذي من أجله صارت الميتة نجسة حراماً.
ولهذا نقول: إنه يعطي حكماً بين حكمين:
الحكم الأول: أن ما كان داخل الجلد لا يطهر بالدباغ.
الحكم الثاني: أن ما كان خارج الجلد من الشعر والوبر فهو طاهر، والجلد بينهما، ولهذا أعطى حكماً بينهما، وبهذا نعرف سمو الشريعة، وأنها لا يمكن أن تفرق بين متماثلين، ولا أن تجمع بين مختلفين.
وعليه فكل حيوان مات وهو مما يؤكل، فإن جلده يطهر بالدباغ.
المصدر :
مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين (11/103- 105)