حكم التلفظ بالنية واستقبال القبلة قبل الغسل من الجنابة؟
عدد الزوار
100
التاريخ
01/01/2021
السؤال :
بارك الله فيكم رسالة وصلت من أختكم في الله من مكة المكرمة، الرسالة طويلة تقول فيها: بسم الله الرحمن الرحيم. إلى فضيلة الشيخ محمد بن صالح ابن عثيمين حفظه الله، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الشيخ: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
أولاً: أود أن أخبركم بأنني أحبكم في الله، وأحب كل من ينتفع بعلمه المسلمين، وجزاكم الله عنا وعن المسلمين خير الجزاء، ورزقكم الدرجات العليا من الجنة إن شاء الله، وأقول لكل من يساهم في هذا البرنامج جزاه الله عنا وعن المسلمين خير الجزاء، ثانياً: أرسل لفضيلتكم برفقة هذا الخطاب صوراً من كتاب كيفية الصلاة، وفي هذا الكتاب يتحدث المؤلف عن كيفية الصلاة، حيث تناول من ضمن ذلك الحديث عن الغسل، حيث ذَكر الأحوال التي يجب فيها الغسل، كما ذكر فرائض الغسل، وذكر من ضمن الفرائض النية، حيث ذكر الكاتب بأنه عندما يريد الإنسان أن يغتسل عليه أن ينوي بقلبه الفرض وأن يتلفظ بالنية بأن يقول: نويت فرض الغسل فلا مانع ويجوز منه ذلك، فهل يجوز التلفظ بالنية مع أننا نعرف بأن التلفظ بالنية بدعة، فهل هذا صحيح، وهذا موضح لديكم بالصورة المرفقة بالخطاب، وأيضاً ذكر الكاتب بأن الفرض الثاني هو تعميم الجسد بالماء؟
الإجابة :
هذا السؤال مطول كما استمع إليه من يستمع هذا البرنامج، وفيه تقول إنها تحبنا في الله، فأسأل الله تعالى الذي أحبتنا فيه أن يحبها، وفيه أيضا حينما دعت بالتوفيق ورفعة الدرجات قالت في نهاية دعائها: إن شاء الله، ولا ينبغي للإنسان إذا دعا الله -سبحانه وتعالى- أن يقول: إن شاء الله في دعائه، بل يعزم المسألة ويعظم الرغبة، فإن الله -سبحانه وتعالى- لا مكره له، وقد قال سبحانه وتعالى: ﴿وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ﴾[غافر: 60]. فوعد بالاستجابة، فحينئذٍ لا حاجة لأن يقال: إن شاء الله؛ فإن الله -سبحانه وتعالى- إذا وفق الإنسان للدعاء فإنه يجيبه، إما بمسألته، أو بأن يرد عنه شراً، أو يدخرها له يوم القيامة، وقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: «لا يقل أحدكم: اللهم اغفر لي إن شئت، اللهم ارحمني إن شئت، ولكن ليعزم المسألة وليعظم الرغبة؛ فإن الله تعالى لا مكره له».
فإن قال قائلٌ: ألم يثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه كان يقول للمريض: «لا بأس طهورٌ إن شاء الله»؟ فنقول: بلى، ولكن هذا يظهر أنه ليس من باب الدعاء، وإنما هو من باب الخبر والرجاء وليس دعاءً؛ فإن الدُّعاء من آدابه أن يجزم به المرء، وهذا التعبير يقع من كثيرٍ من الناس، وأما ما ذكرته من أن الرجل إذا دخل مغتسله فإنه يستقبل القبلة عند الغسل فهذا ليس بصحيح فإن جميع الذين نقلوا صفة غسل النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يذكروا أنه كان يستقبل القبلة حين اغتساله ولو كان هذا من الأمور المشروعة لبينه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لأمته إما بقوله وإما بفعله، فلما لم نجد ذلك عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مع وجود سببه لو كان مشروعاً علم أنه ليس بمشروع وهذه القاعدة تنفع الإنسان في هذا المقام وغيره وهو أن كل شيء وجد سببه في عهد النبي -عليه الصلاة والسلام- ولم يشرع له قولٌ أو فعل، فإنه ليس بمشروع، أي فإنه لا يشرع له قول ولا فعل. ومن ذلك النية -نية العبادة، أي التلفظ بها- فإن العبادات كان الرسول -عليه الصلاة والسلام- يفعلها ولا يتلفظ بالنية لها، ولو كان هذا مشروعاً لفعله، ولو فعله لنُقل إلينا، كذلك استقبال القبلة حين الغسل، نقول هذا: وجد سببه في عهد الرسول -عليه الصلاة والسلام- وهو الغسل ولم ينقل عنه أنه كان يتجه إلى القبلة حين اغتساله، ولو كان مشروعاً لفعله، ولو فعله لنقل إلينا. نعم.
المصدر :
الشيخ ابن عثيمين من فتاوى نور على الدرب