تزوج من امرأة كتابية بغير علم أهلها فما حكم نكاحه؟
عدد الزوار
134
التاريخ
01/01/2021
السؤال :
الفتوى رقم(18486)
أنا طالب في السنة الرابعة من كلية الطب، أدرس في بلد أوروبي، حكمته الشيوعية فترة من الزمن، ولا يوجد هنا أي مركز إسلامي رسمي، وسفري لأي بلد مجاور فيه مركز إسلامي محاط بالصعوبة لأسباب سياسية، وقد تزوجت في السنة الثانية الدراسية من فتاة من هذا البلد، وهي نصرانية مسيحية، ورسالتي هذه أرسلها بعد شكوك في صحة زواجي بدأت تراودني في الفترة الأخيرة، فإليكم كيف تزوجت وتساؤلاتي آملا أن تعيروا رسالتي الاهتمام الكافي وشاكرا لكم جهودكم واجتهادكم:
تعرفت إلى زوجتي عن طريق الصدفة، فلم أكن أفكر في الموضوع أو أبحث عن زوجة، وكانت الصدفة والفرصة التي شعرت فيها أن بإمكان زوجتي الحالية الدخول في الإسلام عن إقناع بعد حوار ليس بالقليل، ثم عرضت عليها فكرة الزواج بعد أسبوع من تعارفنا فقط، وكانت فكرتي عن الزواج بسيطة جدا، وهي محصورة بالإيجاب والقبول من كلا الطرفين، والإشهار الذي يكون على الأقل بشاهدين مسلمين عاقلين بالغين، مشهود لهما بالصدق والأمانة، وكان زواجي بها على هذه الدعائم البسيطة بعد 3 أشهر من المعرفة، وقد أعلمت أهلي بالأمر، وكان الاتفاق بيني وبينها أننا سوف نسجل هذا الزواج رسميا عندما أتخرج وأصبح طبيبا، ولن نسكن في بيت واحد حتى ذلك الحين؛ لأنني لا زلت غير قادر على تلك المسؤولية، وإنما الزواج لزيادة التعارف وللحصانة، وأنا جاد في إكمال حياتي معها، ولست قاصدا زواج متعة أبدا، والذي أعرف أنه حرام، لقد أخبرتها بحقوقها من مقدم ومؤخر ومهر وغيره، إلا أنها رفضت كل ذلك معتبرة أنها ليست بضاعة تباع وتشترى، على الرغم من شدة إلحاحي، لقد تزوجتها وهي بكر، وعمرها 19 سنة في ذلك الوقت، وكانت تعمل مدرسة أطفال في حضانة، ومسؤولة عن نفسها، وعندما سألتها عن رأي أهلها في زواجها، أجابت: بأن ليس لأحد سلطة عليها بما أنها تجاوزت 18 سنة، وبما أنها تعمل كما أخبرتني أن أهلها لا يبالون ولا يهتمون بمن سيكون شريك حياة ابنتهم، هذه حريتها الشخصية، وهي مسؤولة عن نفسها، وتساؤلاتي الآن: هل زواجي صحيح بدون مهر ومقدم ومؤخر، مع العلم أنني ما زلت على استعداد أن أؤمن لها ذلك؟
وهل زواجي صحيح بدون خاتم الزواج والخطبة؟ وهل زواجي صحيح بدون علم أهلها حتى هذه اللحظة؟ مع العلم أني اكتشفت أن والدها عنصري جدا، ولن يقبل بهذه الزيجة مهما حدث. وما هو قول الشرع في طفل ينتج عن هذا الزواج؟ وهل هو من الجائز أن يقوم على تزويجي أحد الأصدقاء وبشهادة بعض الأصدقاء لعدم وجود المأذون الشرعي؛ فهل زيجتي حرام في حرام وأنا لا أدري؟ وهل يختلف الوضع في حال أسلمت زوجتي؟ أفيدوني أفادكم الله.
الإجابة :
عقد النكاح لا يصح إلا بولي وشاهدي عدل، ولا يجوز للمرأة أن تعقد لنفسها؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم- : «لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل» وقوله - صلى الله عليه وسلم- : «لا تزوج المرأة المرأة، ولا تزوج المرأة نفسها» وعلى هذا فالعقد المذكور في السؤال لا يصح، ولا بد من تجديده بولي للمرأة، والكتابية يزوجها والدها، فإن لم يوجد أو وجد وامتنع، يزوجها أقرب عصبتها، فإن لم يوجدوا أو وجدوا وامتنعوا، يزوجها القاضي المسلم إن وجد، فإن لم يوجد زوجها أمير المركز الإسلامي في منطقتها؛ لأن الأدلة الشرعية من الكتاب والسنة دلت على ذلك، لكن ليس للمسلم أن ينكح الكتابية إلا إذا كانت محصنة، وهي الحرة العفيفة عن الزنا؛ لقول الله سبحانه وتعالى: ﴿الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلَا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ﴾[المائدة: 5] وعليك أن تجتنبها حتى يتم النكاح الشرعي حسب ما ذكرنا، وإن كانت حاملا وقد ولدت منك، فالأولاد لاحقون بك من أجل شبهة النكاح.
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
المصدر :
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء(18/178- 181)
بكر أبو زيد ... عضو
صالح الفوزان ... عضو
عبد الله بن غديان ... عضو
عبد العزيز آل الشيخ ... نائب الرئيس
عبد العزيز بن عبد الله بن باز ... الرئيس