هل للنذر صيغة معينة ؟ وحكم من نذر لا يفعل شيئا ثم فعله
عدد الزوار
124
التاريخ
01/01/2021
السؤال :
أحسن الله إليكم وبارك فيكم فضيلة الشيخ. هذه السائلة هـ ع ج وادي الدواسر تقول: فضيلة الشيخ، ما صيغة النذر ؟ وهل النذر هو اليمين ؟ وهل إذا قلت مثلاً: نذر علي أن لا أفعل كذا، وبعد ذلك رجعت وفعلت هذا هل علي كفارة ؟ وهل كفارة اليمين هي كفارة النذر ؟ وأخيراً إذا قلت: والله العظيم ثم قلت: أستغفر الله فهل الاستغفار يلغي الحلف بالله ؟
الإجابة :
النذر ليس له صيغة معينة، بل كل كلمة يفهم منها أن العبد ألزم نفسه لله تعالى بشيء فهو نذر، وقد سمى الله النذر معاهدة فقال تعالى: ﴿وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ﴾[التوبة: 75]، فإذا قال القائل: لله علي عهد أن أفعل كذا فهو نذر لله، علي نذر أن أفعل كذا فهو نذر، أما القسم فليس إلزاماً للنفس ولكنه تأكيد للخبر، ولذلك فرقوا بينه وبين الخبر من عدة وجوه، وأما إذا نذر الإنسان أن لا يفعل شيئاً ففعله فهذا النذر حكمه حكم اليمين كما قال العلماء رحمهم الله، فإذا حنث فيه فعليه كفارة يمين؛ وكفارة اليمين إطعام عشرة مساكين، أو كسوتهم، أو تحرير رقبة، فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام متتابعة.
وبالمناسبة أود أن أنبه اخواني بأن النذر مكروه، أو محرم؛ لأن النبي- صلى الله عليه وعلى آله وسلم- نهى عنه وقال: «إنه لا يأتي بخير ولا يرد قضاءً»، وكثير من الناس اليوم إذا تعذر عليه الأمر يقول: إن حصل كذا فلله علي نذر أن أفعل كذا وهذا غلط؛ لأن هذا النذر لا يأتي بخير، إن كان الله أراد أن يأتي بالخير لك أتاك بدون نذر، وإن كان الله لم يرد ذلك فإنه لا يأتيك ولو نذرت، كثير من الناس يكون عنده المريض ويشفق عليه ويقول: إن شفى الله مريضي لأصومن كل يوم اثنين و خميس، فيشفى المريض ثم لا يفي هذا الناذر بما عاهد الله عليه، يجب عليه أن يصوم كل يوم اثنين وخميس فلا يفعل، وهذا على خطر عظيم؛ لأن الله تعالى قال في كتابه: ﴿وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ * فَلَمَّا آتَاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ وَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ * فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقاً فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ﴾[التوبة: 75-77]، نعوذ بالله. يعني جعل في قبورهم نفاقاً إلى الموت وهذا خطير جداً، وإننا نسأل هذا الرجل إذا قلت: لله علي نذر إن شفى الله مريضي أن أصوم الاثنين والخميس، فهل هذا يوجب أن يشفى المريض ؟ لا. لأن النبي- صلى الله عليه وعلى آله وسلم- قال: «إنه لا يرد قضاءً»، هل إذا لم ينظر يوجب أن يموت الإنسان من مرضه هذا المنذور عن شفاءه ؟ لا يوجب هذا، إن كان الله أراد للمريض الشفاء شفاه بدون نذرك، وإن كان الله لا يريد له الشفاء لم ينفعه نذرك، وما أكثر الذين يذهبون إلى العلماء، ويقرعون باب كل عالم ينذرون الشيء من الأشياء ثم يحصل، فيندمون ويطلبون الخلاص مما نذروا، وهذا يؤيد نهي النبي- صلى الله عليه وعلى آله وسلم- عن النذر، فعلي الإنسان أن يتقي الله في نفسه، وان يحمد الله على العافية، وأن لا يلزم نفسه شيئاً لم يلزمه الله تعالى به، أما إذا نذر ووقع النذر، فإن كان نذر طاعة وجب عليه الوفاء به؛ لقول النبي- صلى الله عليه وعلى آله وسلم- : «من نذر أن يطع الله فليطعه»، وإن كان نذر معصية حرم الوفاء به؛ لقول النبي- صلى الله عليه وعلى آله وسلم- : «ومن نذر أن يعص الله فلا يعصيه»، لكن عليه كفارة يمين، وإن كان نذر مباح خير بين فعله وتركه، فإن فعله فقد وفى بنذره، وإن لم يفعله وجب عليه كفارة يمين. نعم.
المصدر :
الشيخ ابن عثيمين من فتاوى نور على الدرب