حكم نذر الصوم المعلق حال الغضب
عدد الزوار
124
التاريخ
01/01/2021
السؤال :
سؤالها الآخر تقول: إنه في يومٍ من الأيام حدث أمرٌ أغضبني كثيراً فقلت: إذا تحقق ذلك الأمر سأصوم لله في كل سنةٍ شهراً. فتحقق ذلك والحمد لله، فبدأت أصوم، ولكني سمعت أنه لا يقع النذر من الغضبان، فأنا الآن محتارة ولا تطاوعني نفسي بترك الصيام، وقد مرت علي سنةٌ ولم أصم الشهر المنذور فيها، فما الحكم ؟
الإجابة :
الحكم أن الغضب ينقسم إلى ثلاثة أقسام: غضبٌ بلغ الغاية بحيث لا يشعر الإنسان بما يقول ولا يدري ما يقول فهذا لا حكم لقوله لأنه لا يشعر بما يقول فالإرادة منغلقةٌ عليه فيكون قوله لغواً هكذا نقول، وأما القسم الثاني فهو الغضب في ابتدائه بحيث إن الإنسان يشعر بما يقول ويملك نفسه ويستطيع أن يتصرف تصرفاً تاماً، فهذا لا يؤثر الغضب إطلاقاً في حقه. والقسم الثالث وسط بين هاتين الحالين، بحيث يكون غضبان يشعر ما يقول ويدري ما يقول ولكنه فقد السيطرة التامة على تصرفه، فهذا محل خلافٍ بين أهل العلم. والمرأة تعرف نفسها إن كانت من القسم الأول: فإن نذرها هذا لغوٌ ولا يلزمها أن تصوم شهراً كل سنة، وإن كانت من القسم الثاني وهو الغضب اليسير فنذرها صحيح ويلزمها أن تفي بما نذرت، وأما إذا كان من القسم الوسط ففيه خلاف بين أهل العلم، والأظهر والله أعلم أنه لا يلزمها؛ لأن الأصل براءة الذمة حتى يتبين لنا أنها تمكنت من التصرف كما تريد، والله أعلم.
فضيلة الشيخ: لو فرضنا أن غضبها كان يسيراً بأن كانت تعي ما تقول، وعلى هذا فيلزمها الوفاء بالنذر، لكن لو أرادت أن تتخلص من هذا النذر لمشقته وهي صيام شهر في كل سنة قد يشق عليها كيف تتخلص ؟
لا يمكن أن تتخلص؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام يقول: من نذر أن يطيع الله فليطعه. لا من تنفيذ هذا النذر، وما دام الشهر غير معينٍ في السنة فيمكنها أن تجعله في أيام الشتاء الأيام القصيرة والبرد، وهذا لا يشق عليها.
ثم إنه بهذه المناسبة أود أن أحذرها هي وأمثالها من النذر؛ لأن «النبي- صلى الله عليه وسلم -نهى عنه وقال: إنه لا يأتي بخير». وكما ترى فإنها الآن ندمت على هذا النذر بلا شك وتحب أن تتخلص منه، فالإنسان في عافية لا ينبغي أن ينذر أبداً، وكثيرٌ من الناس نسأل الله لنا ولهم الهداية إذا مرضوا أو مرض لهم أحد أو فشلوا في دراسة أو ما أشبه ذلك نذروا لله إن نجحوا أو إن شفوا من المرض أو شفي قريبهم من المرض نذروا لله نذراً كأن الله تعالى لا يمن عليهم بالقبول وبإزالة المرض وبحصول المطلوب إلا إذا شرطوا له شرطاً، وهذا خطأٌ عظيم، فالله جل وعلا كريم فالذي نهى عنه الرسول - صلى الله عليه وسلم - هو الحق وهو الصواب، ونهى عن النذر وقال: «إنه لا يأتي بخيرٍ وإنما يستخرج به من البخيل». فنهي الرسول عليه الصلاة والسلام عن النذر هو الحق والصواب.
المصدر :
الشيخ ابن عثيمين من فتاوى نور على الدرب