حلف يمينا كاذبة لاستخراج جواز سفر فما الحكم ؟
عدد الزوار
138
التاريخ
01/01/2021
السؤال :
السائل محجوب م. م السودان يقول: فقد حلفت على اليمين القسم كاذبًا لاستخراج جواز جديد مع العلم بأن لدي جواز سابقاً ولكن لا يصلح للسفر فماذا أعمل أفيدوني وجزاكم الله خيرا ؟
الإجابة :
قبل الإجابة على هذا السؤال أود أن أنبه على هذه المسألة الخطيرة وهي تحيل المواطنين على النظام بالكذب والخداع فإن هذا محرم، ولا يحل للإنسان أن يكذب على ولاة الأمور أو يخدعهم بالتحيل على الأنظمة التي سنوها اللهم إلا أن تكون أنظمة فيها معصية الله - عز وجل - فإن كل نظام فيه معصية الله ورسوله فإنه لا يجب علينا أن نطيع ولاة الأمور فيه يعني لو أمرونا بمعصية أو نهونا عن طاعة فإننا لا نوافقهم في ذلك لأن الله تعالى يقول: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنْكُمْ﴾[النساء: 59] فجعل طاعة ولاة الأمور تابعة لطاعة الله ورسوله ولهذا لم يعد الفعل عندها بل قال: ﴿وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنْكُمْ﴾[النساء: 59] ولم يقل أطيعوا أولي الأمر؛ لأن طاعتهم تابعة لطاعة الله ورسوله وقال النبي-صلى الله عليه وعلى آله وسلم - : «إنما الطاعة في المعروف»، أما في المنكر فلا طاعة وقد فهم بعض الناس إن طاعة ولاة الأمور إنما تجب في طاعة الله يعني إذا أمروا بطاعة وجب علينا طاعتهم وإذا نهوا عن معصية وجب علينا طاعتهم وهذا غلط؛ لأن طاعة الله لو أمرك بها أي واحد من الناس لكان عليك أن تقوم بهذه الطاعة إما وجوبا فيما يجب أو استحبابا فيما يستحب ولو كان هذا هو المراد لم يكن بين ولاة الأمور وغيرهم فرق.
لكن ولاة الأمور إذا أمروا بشيء فلا يخلو من ثلاث حالات: إما أن يكون الله ورسوله قد أمر به فهذا يطاع طاعة لله ورسوله قبل كل شيء ثم طاعة لولي الأمر، كما لو أمروا بصلاة الاستسقاء عند الجدب وقحوط المطر فإن صلاة الاستسقاء تكون هنا متأكدة لأنها من شريعة الله من وجه ولأن ولاة الأمور أمروا بها.
الحال الثانية أن يأمروا بمعصية أي بشيء يتضمن ترك الواجب أو فعل المحرم فهذا لا طاعة فيه لمخلوق لا ولي أمر ولا أم ولا أب ولا غيرهم لا يحل لأحد أن يعصي الله بطاعة مخلوق من المخلوقين فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق. وبطاعة ولاة الأمور في غير المعصية يتحقق النظام والأمن وتنسجم الأمور؛ لأن الناس لو تركوا فوضى وصار كل واحد يأخذ بما يرى لتشتتت الأمة وتفرقت قلوبها وتفرق دينها واختل نظامها وأمنها ولكن من رحمة الله ونعمته أن أوجب علينا طاعة ولاة أمورنا في غير معصيته حتى يستتب الأمن ويستمر النظام ويحصل الالتئام ومن ذلك تنظيم بعض الأمور كالتنظيمات المرورية مثلا وغيرها من تنظيمات أمور السفر فإن امتثال أمر ولي الأمر في ذلك من طاعة الله - عز وجل - لأن الله تعالى قال: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنْكُمْ﴾[النساء: 59] هذه كلمة أوجهها لهذا السائل وغيره.
أما الأمر الثاني فهو الجواب على سؤال هذا الرجل فأقول له: إنه أخطأ خطأً عظيما حيث خدع ولاة الأمر والمسؤولين بتزويره فعليه أن يتوب إلى الله من هذا الخطأ ثم إنه حلف على ذلك فتكون يمينه هذه يميناً محرمة يزداد بها إثماً، بل قال بعض العلماء: إنها من اليمين الغموس التي تغمس صاحبها في الإثم ثم في النار، فإنه حلف على أمر هو فيه كاذب وهو يعلم أنه كاذب فعليه التوبة إلى الله من أمرين الأمر الأول الحلف على الكذب وهو يعلم والثاني خداع ولاة الأمور.
المصدر :
الشيخ ابن عثيمين من فتاوى نور على الدرب