نذرت صوم شهر إن نجحت في دراستها...فهل لها أن تفرق صيامه ؟
عدد الزوار
130
التاريخ
01/01/2021
السؤال :
بارك الله فيكم هذه المستمعة رمزت لاسمها ب . ن . ك . هـ من الرياض تقول: أرجو أن توضحوا لي في هذه الرسالة ما يلي: عندما كنت في الإعدادية نذرت علي أن أصوم شهراً كاملاً، إلى أن أكرمني الله ونجحت بمجموع جيد، ونجحت الحمد لله بالمجموع الذي كنت أتمناه، ودخلت الثانوية العامة، ونجحت ودخلت الجامعة، وحصلت على الليسانس، وتزوجت وكان زواجي موفقاً والحمد لله، وذلك منذ سنة وخمسة أشهر، ولم أنجب أطفالاً بعد، تقول: هل من الممكن أن أصوم الشهر على فترات، حيث إن صوم شهر كامل يصعب علي ؟ وهل من الممكن أن أنفق مالاً؛ أي أتصدق عن كل يوم ؟ أو ماذا أفعل أرشدوني مأجورين ؟
الإجابة :
قبل الإجابة على هذا السؤال أود أن أقول: إن النذر مكروه، بل إن بعض أهل العلم حرمه؛ لأن «النبي- صلى الله عليه وسلم -نهى عنه، وقال: إنه لا يأتي بخير». ولأن كثيراً من الناذرين يتعبون مما نذروا، وربما يدعون ما نذروا لمشقته عليهم، ومع أكثر مما يحصل من الندم للناذرين الذين ينذرون على شيء معين كانوا يستبعدون، أو كانوا حريصون عليه جداً، فينذرون إلى الله سبحانه وتعالى إن يسره لهم أن يصوموا أو أن يتصدقوا أو ما أشبه ذلك، فأقول: إنه ينبغي للإنسان أن يعرف حدود ما أنزل الله على رسوله، وأن ينتهي عما نهى عنه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فلا تنذر أيها الأخ المستمع لا تنذر أبداً، لا لشفاء مريض ولا لحصول المطلوب ولا لغير ذلك، اسأل الله التيسير وأحسن الظن بالله، والله سبحانه وتعالى لا يحتاج إلى شرط تفعله له إذا أنعم عليك؛ لجلب منفعة أو دفع مضرة، بل يحتاج منك إلى الشكر والعرفان لله بالجميل، والاستعانة بما أعطاك على طاعته، هذه نصيحة أوجهها إلى كل مستمع أن يدع النذور عنهم؛ لئلا يلزموا أنفسهم بما هم فيه في عافية؛ ولئلا يأخذهم الكسل فيما بعد، فيتهاونوا بما نذروا، فتصيبهم العقوبة العظيمة التي ذكرها الله تعالى في قوله: ﴿وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنْ الصَّالِحِينَ * فَلَمَّا آتَاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ وَتَوَلَّوا وَهُمْ مُعْرِضُونَ * فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقاً فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُوا اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ﴾[التوبة: 75 - 77] فانظر كيف عاقب الله هؤلاء الذين عاهدوه، على أن يتصدقوا ويكونوا من الصالحين حين ما لم يوفوا بما عاهدوا الله عليه أعقبهم الله نفاقاً وفي قلوبهم إلى يوم يلقونه؛ أي نفاقاً قلبياً على العقيدة، وليس نفاقاً عملياً، بل ونفاق قلبي عقدي إلى أن يموتوا، وهذا وعيد شديد والعياذ بالله في من عاهد الله على شيء ومن ذلك النذر بين الإنسان وبين ربه ولم يف له بما عاهد الله عليه، أما فيما يتعلق بسؤال هذه السائلة فإننا نقول: يلزمها أن تصوم شهراً كما نذرت، فإن كانت نيتها حينما نذرت أن يكون متتابعاً، لزمها أن يكون متتابعاً، وكذلك إن كانت قد شرطت فقالت: شهراً. أما إذا لم يكن هناك شرط ولا نية، فإن لها أن تبعضها فتصوم يوماً وتفطر يوماً، أو تصوم يوماً وتفطر يومين، أو تصوم يومين وتفطر يومين، حسب ما يتيسر لها ذلك؛ حيث إنها لم تشترط ذلك بلسانها التتابع ولا النية بقلبها.
المصدر :
الشيخ ابن عثيمين من فتاوى نور على الدرب