طلق زوجته بالثلاث بلفظ واحد ويرغبا بالرجوع بعد عشر سنوات من طلاقها؟
عدد الزوار
82
التاريخ
01/01/2021
السؤال :
كنت متزوجًا امرأة، لكن حدث بيننا خلاف وطلقتها، وكانت صيغة الطلاق التي تمّتْ، أنت طالق بالثلاث مرة واحدة فقط، وقد مضى على ذلك أكثر من عشر سنين، بعد هذه المدة يرغب كل منا في العودة إلى صاحبه، هل لنا ذلك أم لا؟
الإجابة :
هذه المسألة فيها خلاف بين أهل العلم، رحمهم الله، فمن أهل العلم من قال: إن هذا الطلاق يحرّمها حتى تنكح زوجًا غيرك، نكاح رغبة لا نكاح تحليل، ثم يدخل بها يعني يطؤها ثم يفارقها بموت أو طلاق، ثم تخرج من العدة وهذا هو قول الأكثرين من أهل العلم، وذهب جماعة من أهل العلم إلى أن الطلاق بالثلاث بلفظ واحد، وكلمة واحدة يعتبر واحدة، ويباح للمطلق أن يتزوجها بعقد جديد، إن كانت قد خرجت من العدة، أو يراجعها إن كانت في العدة، وهذا القول هو الصحيح وهو الذي نفتي به، وهو الذي أفتى به جمع من أهل العلم، وصح عن ابن عباس في رواية أنه أفتى بذلك، وأفتى به جماعة وهم طاوس بن كيسان التابعي الجليل، وخلاس بن عمرو وجماعة من أهل العلم، واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمة الله عليه، والعلامة ابن القيم رحمة الله عليه، وجماعة من أهل العلم، والحجة في ذلك ما رواه مسلم في صحيحه عن ابن عباس -رضي الله عنمها- ، قال: «كان الطلاق على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم- ، وعهد أبي بكر وسنتين من خلافة عمر طلاق الثلاث واحدة»، يعني يعتبر واحدة، ثم إن عمر -رضي الله عنه- قال: «إن الناس قد استعجلوا في أمر كانت لهم فيه أناة، فلو أمضيناه عليهم فأمضاه عليهم» فهذا يدل على أنه كان في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم- يعتبر الطلاق الثلاث واحدة، يعني الطلقات الثلاث المجموعة تعتبر واحدة، فلما رأى عمر -رضي الله عنه- تتابع الناس في إيقاع الطلاق الثلاث، وتسرّعهم في ذلك أمضاه عليهم، عقوبة وردعًا لهم عن التساهل في ذلك؛ ولكن اجتهاد عمر -رضي الله عنه- ، لا يمنع من الرجوع إلى الأصل؛ لما فيه من رحمة الناس، وجمع شمل الزوجين، ولا سيما قد يكون لهما أولاد، وقد يكون الزوج عاجزًا عن النكاح، فالحاصل أن هذا القول كما أنه موافق للدليل، فهو أرفق بالأمة، أنفع للأمة، وأكثر لجمع الشمل، فيجوز اعتبارها واحدة، ويراجعها الزوج ما دامت في العدة، فإن كانت قد خرجت من العدة لم تحل إلا بنكاح جديد، هذا هو الأرجح من القولين، أما إذا فرقها قال: طالق، ثم طالق، ثم طالق، أو طلّق ثم راجع، ثم طلّق ثم راجع، ثم طلّق الثالثة فتحرم عليه إلا بعد زوج؛ لقوله سبحانه: ﴿فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ﴾[البقرة: 230] هذه الثالثة، طلقها، يعني الثالثة؛ لأنه قبلها قال: ﴿الطَّلاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ﴾[البقرة: 229] ثم قال بعد هذا سبحانه: ﴿فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ﴾[البقرة: 230] يعني حتى تنكح نكاح رغبة، وحتى يجامعها؛ لأنه ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم- ، أن امرأة اشتكت عليه أنها طلقت من زوجها الأول طلاقًا بائنًا، وأنها نكحت شخصًا بعده لم يجامعها، فقال له: «حتى تذوقي عسيلته ويذوق عسيلتك» ولم يسمح لها بالرجوع إلى زوجها الأول، بالنكاح الجديد الذي ليس فيه جماع.
المصدر :
الشيخ ابن باز من فتاوى نور على الدرب(22/128- 131)