حلف بأنه إن شرب الدخان فزوجته طالق بالثلاث ثم شربه فماذا يلزمه؟
عدد الزوار
76
التاريخ
01/01/2021
السؤال :
يقول السائل: أنا كنت مبتلى بشرب الدخان، وقد حاولت بشتى الوسائل تركه، حتى إنني حدثت نفسي أنني سوف أطلق وأحلف بالطلاق على ألاّ أشربه، فقلت: يا ربّ إن شربت أنا الدخان فامرأتي طالق بالثلاث، كان ذلك بعد أن عقدت النكاح وقبل الدخول عليها، والقصد من إقدامي على هذا اليمين، هو منع نفسي من هذه المصيبة، التي هي شرب الدخان، ولكن بعد نصف ساعة لم أستطع فشربته، وكان هذا كله بيني وبين الله، لم يعلمه أحد، وبعد مدة جهّزت عليَّ زوجتي وأعرست وأنجبت منها أطفالاً، ثم حاولت ترك الدخان، وقلت في نفسي أيضًا: إنني سوف أحلف بالطلاق، عسى أن أوفّق في تركه في هذه المرة، وقلت: يا رب إن شربت أنا الدخان فامرأتي طالق ثم طالق بالثلاث، وكان ذلك بمكان واحد وفي لفظ واحد، ولم يفصله سوى كلمة (ثم)، وأنا لا أعرف لكلمة (ثم) أي معنى في اللغة العربية لجهلي بها، وكان ذلك الوقت وأنا في الغربة، وليس عندي سوى الله، ولم أبلغ الزوجة ولا غيرها، وكان هدفي ورغبتي هو منع النفس الأمَّارة بالسوء من شرب الدخان، ولكن في اليوم الثاني استرجعت، وشربت الدخان مرة ثانية، ثم بعد مشيئة الله أقلعت عن شرب الدخان، ولي خمسة عشر عامًا بعد أن تركته، والزوجة باقية عندي أرجو إفتائي في هذا الأمر، وهدفي من هذا كله، هو منع نفسي من هذه المصيبة التي هي شرب الدخان، وماذا يجب عليَّ من كفارة، أعان الله سماحتكم لخدمة الإسلام والمسلمين؟
الإجابة :
لا ريب أن شرب الدخان محرم ومنكر ومضاره كثيرة، كما حقّق ذلك جمع من أهل العلم، وكل من تأمل حال المدخنين، وما ذكره أهل العلم، وأهل الطب وأهل التجارب في الدخان، عرف يقينًا مضرّة الدخان، وأنه من المحرمات، ومن المنكرات، التي يجب على كل من يتعاطاها أن يتركها، وأن يحذرها، وبيّن الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم أنه محرم وأنه منكر، لا بالنص عليه، ولكن ببيان ما أحلّ الله لعباده، وما حرّم عليهم، فإنه سبحانه قال: ﴿يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ﴾[المائدة: 4] فهو سبحانه بيّن أنه ما أحل إلاّ الطيبات لعباده، وليس هو من الطيبات، بل هو من الخبائث ومن المضرات، إذ الطيب ما نفعك وغذَّاك من دون مضرّة، أما هذا فهو ضار مؤذٍ بطبعه وآثاره السيئة ورائحته الخبيثة، ومضاره لا تحصى، وقال جل وعلا في وصف نبيه محمد - صلى الله عليه وسلم- : ﴿وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ﴾[الأعراف: 157] ولا شك أنه خبيث لمضاره الكثيرة، كما بيّن ذلك أهل العلم، وكما بين ذلك الأطباء، وبين ذلك كل من جرّب هذا الخبيث، فالواجب على كل مسلم أن يحذر هذا البلاء، وأن يكون عنده عزم صادق، وقوة على تركه، والحذر منه، لعل الله يسلّم من شره، أما السائل فإن عليه كفارة يمين عن طلاقه المرة الأولى والثانية؛ لأن هذا في حكم اليمين، ما دام قصده منع نفسه من شربه، وليس قصده فراق أهله، فإنه في حكم اليمين في أصح قولي العلماء كما أفتى بذلك شيخ الإسلام ابن تيمية رحمة الله عليه، وتلميذه العلامة ابن القيم رحمة الله عليه في مثل هذا، فعلى السائل أن يكفّر كفارة يمين عن طلاقه الأول، وعن الطلاق الأخير، وكفارة اليمين هي: إطعام عشرة مساكين، أو كسوتهم لكل مسكين نصف صاع من التمر أو الحنطة أو الرز، يعني من قوت بلد الحالف المطلق، أو يكسوهم كسوة تجزئهم في الصلاة، كقميص لكل واحد أو إزار ورداء لكل واحد، هذه هي الكفارة فعلى هذا يكون عليه عشرة أصواع، خَمسة للأولى، الطلاق الأول وخمسة للطلاق الأخير، عشرة أصواع لعشرين مسكينا، كل مسكين يعطى نصف صاع من الأرز أو من التمر أو غيرها من قوت البلد نصفه عن الطلاق الأول، ونصفه عن الطلاق الأخير، ونسأل الله أن يثبتنا جميعًا على الحق، وأن يعيذنا والمسلمين جميعًا من نزغات الشيطان.
المصدر :
الشيخ ابن باز من فتاوى نور على الدرب(22/187- 190)