السؤال :
السائل: سمعنا عنك طريقة تؤديها عند استلام راتب المسجد, وهي: أنك تخصم راتب الوقت الذي تغيب عنه ولا تؤم المصلين فيه, وعلى ذلك قام بعض الأئمة بوضع جدول يبين فيه جميع أوقات الصلوات اليومية خلال شهر كامل, وإذا تغيب عن هذا الوقت وضع أمامه إشارة أنه غائب عنه, وعند استلامه للراتب إما أن يستسمح من الأوقاف بأخذ الرواتب عن الأوقات التي لم يصليها أو يخصمها هو بنفسه, ويتبرع بها ويلزم نفسه بهذه الطريقة, فهل فعلهم هذا صحيح ؟ وهل ما نقل عنكم صحيح أيضاً؟ جزاكم الله خيراً
الإجابة :
الشيخ: أما ما نقل عنا فليس بصحيح, نتغيب الوقت والوقتين, واليوم واليومين في أعمال تقتضيها الحال, ولا نخصم شيئاً, والإمام إمام, واليوم واليومان في الشهر لا يضر, لكن بعض الناس -والعياذ بالله- يأخذ الإمامة باسمه ويكلها إلى شخص آخر في كل الصلوات, فيأخذ مثلاً راتب قدره (1000) ريال, ويعطي هذا الذي يصلي (500) ريال, من الذي حل له الـ (500) الباقية ؟ ولا سيما أنه من بيت المال لا يمكن أن يبذل إلا في مقابل منفعة وعمل, فما الذي أحل لك أن تأخذ (1000) ريال وتعطي هذا النائب عنك (500) ريال ؟!! هذا حرام بلا شك, ويأكله آكله سحتاً, وشر من ذلك أن يرسم هذا الإنسان في المسجد مع أن أنظمة الدولة لا تجيزه لكنه يتستر, فيأخذ الوظيفة باسمه ويعطيها لهذا الذي رسمه هو, هذا يتضمن عدوان على الدولة وعلى نظامها, ويتضمن أكلاً للباطل فيما زاد عما يعطيه هذا الذي أقامه, بعض الناس مثلاً يأخذ ممن لا تجيز الدولة أن يقوموا بهذه الوظيفة ويتفق معه على أن يكون هو الذي أمام الدولة -أي: المواطن- ويكون المنفذ للعمل فعلاً هو هذا الذي لا تجيزه الدولة أن يقوم به في هذا المنصب، ولا يبالي ويأخذ الزيادة, هذا حرام أيضاً, وفيه كما قلت محذوران: المحذور الأول: التستر الذي هو خديعة للدولة.
المحذور الثاني: أكل المال بالباطل.
حتى لو فرض أنه قال: أنا أعطي الراتب كله هذا الرجل الذي قام عني، لا يجوز, ما دامت الأنظمة لا تجيز أن يقوم في هذا المنصب؛ لأن كل واحد من أبناء المملكة العربية السعودية له بيعة في عنقه لولي الأمر فيها, تستلزم بمقتضى الآيات الكريمة: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ﴾[النساء: 59] تستلزم أن يتمشى على هذا النظام.
السائل: كيف بالنسبة للفراشة في المسجد؟
الشيخ: الفراشة -والله- قالوا لنا أي: الجهة المسئولة- المقصود أن ينظف المسجد, والفراشة لا يختلف فيها القصد, المقصود أن المسجد ينظف ويصان, وربما تكون صيانة الأجنبي في المسجد وفراشته له أحسن من الوطني, الوطني كسول ملول, لكن الأجانب في الغالب أنهم أنفع, وأنا قد سألت بعض المسئولين عن هذه المسألة وقالوا: نحن لا نريد إلا مسجداً مصاناً, لكن من الورع أن الإنسان لا يأخذ شيئاً زائداً عما قام به هذا الشخص أو يعطيه إياه.
أما الذي فعله لنفسه هذا شيء لا نقول: فيه شيء! ربما أنه يحب الورع.
السائل: طيب قلتم: يوزع الأوراق على مجموعة من الشباب.
الشيخ: لا غلط، هذا من التنطع.
السائل: يعطيهم الأوراق يقول: إن أردتم الشيخ: لا أبداً ولا يعطيهم الأوراق، يفعله بنفسه ولا يلزم الناس به، والناس إذا أعطوا هذه الأوراق على جهة ورع وعبادة ربما يأخذون بها، وهذا من التنطع، وقد قال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ : «هلك المتنطعون» لكن الورع يختلف الناس فيه, قد يتورع إنسان ويجد في نفسه حرجاً من شيء, وغيره لا يرى هذا, ويذكر أن الإمام أحمد رحمه الله: جاءه سائل يسأل امرأة أو رجل، وأظنها امرأة فقالت له: يا أبا عبد الله إن السلطان يمر ونحن نغزل على ضوء القمر, وإنه بمروره يزداد عملنا, لأنه تكون الأنوار أقوى وأوسع, فهل لنا الحق في هذا؟ فقال: نعم, أنتم لم تجلبوا الأنوار هم الذي مروا في السوق ونفعكم الله بها.
هذا معنى كلامه, هو تعجب من هذا السؤال:, فلما انصرفت قال للذي حوله: من هذه المرأة؟ قالوا: هذه فلانة أخت إبراهيم بن أدهم , فقال: ادعوها, فدعوها فجاءت, فقال: ذلك لا يحل لكِ، كيف؟ قال: من بيتكم خرج الورع.
أي: أنتم أهل الورع, والناس يختلفون.